الأخبار التي قرأناها قبل أيام عن قيام وزارة الصناعة بإقامة مشروعات أمن غذائي أو تشجيع وتطوير مشروعات أخرى قائمة، تمنحنا قدرا من التفاؤل حول مستقبل الأمن الغذائي في المملكة، ونتمنى أن يتم تطبيق توصيات ومقترحات وزارة الصناعة والتجارة حرفيا على أرض الواقع، فلابد من دعم ومساعدة المستثمرين وأصحاب مشروعات الأمن الغذائي في المملكة سواء خلال مراحل الإنتاج المختلفة أو فيما يتعلق بتسويق منتجاتهم أو القيام بشرائها من قبل الحكومة بالسعر المجزي بالنسبة لهم، حتى إن كان سعر شرائها أغلى من الأسعار العامية لهذه المنتجات.
نحن لا نطمح لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الحبوب أو حتى الفاكهة، فنحن لسنا بلدا زراعيا، ولكننا نطمح لتحقيق اكتفاء ولو جزئي من بعض الخضروات الرئيسية التي لا نستغني عنها في حياتنا اليومية، وهذا ليس بالأمر الصعب في ظل تطور أساليب الزراعة وظهور تقنيات جديدة في هذا المجال.
أما عن الأسماك، فمن حقنا أن نكون شيئا آخر، فمن غير المعقول أن نعيش على جزر في قلب الخليج ولا ننتج ما يكفينا من الأسماك، بل من غير المفهوم ألا نكون دولة مصدرة لكميات كبيرة من الأسماك تكفي لشراء القسط الأكبر من متطلباتنا الغذائية الأخرى.
لماذا لا نتوسع في مشروعات الاستزراع السمكي ونقيم مصانع لتعليب الأسماك نغزو بها العالم كغيرنا من الدول البحرية ونوفر لأنفسنا دخلا قوميا محترما كل عام؟
لا بد أن نعي أن البحر، الذي ارتبط به تاريخنا، وثقافتنا، هو أكثر دواما من النفط، وأنه يمكن أن يصنع مستقبلنا كما صنع ماضينا.
في ظل الجنون الحالي في أسعار الغذاء على مستوى العالم، وفي ظل التوقعات السوداوية حول أزمات غذاء متوقعة بسبب التغيرات المناخية وبسبب الممارسات غير الأخلاقية لبعض الدول الكبرى في انتاج الوقود الحيوي، لابد أن ننتج بعض غذائنا ولو زرعناه على أسطح المنازل.
لقد أصبح من الواضح للصغير والكبير أن الحروب القادمة ستكون على الماء والغذاء – والماء والغذاء يرتبطان ببعضهما ارتباطا وثيقا -. وكما كانت القبائل تغير على بعضها البعض قديما بحثا عن الماء والكلأ،سيكون لهذا الزمان أيضا حروبه المرتبطة بالطعام. فزمن حروب النفط ولى بعد أن استتبت الأمور لمن كانوا يحاربون من أجله وستحل محله حروب أخرى، وسيستخدم الكبار الطعام كسلاح لإخضاع الصغار للقضاء على أنظمة حكم لا يريدها هؤلاء الكبار.
دول الغرب والصين حققت نهضة كبيرة خلال العقود الماضية باستخدام البترول العربي، واليوم لسان حال هذه الدول يقول للعرب لقد جاء الدور عليكم لكي تشتروا منا الغذاء بأسعار أغلى من نفطكم الذي طالما بعتموه لنا.
“من لا يملك قوت يومه لا يملك حريته”، “ومن لقمته ليست من فأسه، فقراره ليس من رأسه”، كلمات أصبحت محسوسة وذات دلالة أكبر في هذه الأيام.
زبدة القول:
لابد للعرب أن يهتموا بالزراعة ولابد أن ينتجوا طعامهم حتى إن تكلف إنتاجه أكثر من شرائه من الغير.