حديث الأمير الوليد

حديث الأمير الوليد

الأمير الوليد بن طلال عرف عنه بعده عن السياسة ومشروعاتها، فهو رجل أعمال ناجح ومعروف على مستوى العالم، ولكن حديثه هذه المرة مع مقدم البرامج الاقتصادية بشبكة “سي إن إن”، الأمريكية كان كله سياسة وكان كله فائدة لأهل السياسة في العالم العربي على اتساعه.
خلال حديثه، تطرق الأمير الوليد بن طلال لموضوعات هامة وحيوية للأمة العربية بكاملها في هذه الأيام، سواء تلك التي قامت بها الثورات او لا تزال في مرحلة مخاض وتتلمس طريقها إلى مستقبل جديد ومختلف، أو تلك التي لا تزال على استقرارها السياسي.
ومن وجهة نظري فإن أهم ما تطرق له الأمير حول مستقبل الأنظمة الاسلامية العربية التي تشكلت بالفعل أو التي يجري تشكلها حاليا، هو ضرورة أن يكون لدى هذه الأنظمة درجة من المرونة تجاه مجتمع الأعمال والسياحة لكي تستطيع النجاح والبقاء في الحكم، لأن الدول التي صعد فيها الاسلاميون، وبخاصة مصر وتونس، ينتظرها مستقبل صعب من الناحية الاقتصادية، بعد الفساد التي عاشت في ظله لسنوات طويلة، وما نتج عن ذلك من بطالة وفقر وانهيار للبنية التحتية وتدهور بيئي وصحي وتعليمي.
هذه الأنظمة الاسلامية الجديدة أمام تركة ثقيلة وتحتاج إلى تحقيق خطوات يلمسها ويحترمها الجمهور، لكي يتسنى لها النجاح، فهذه القطاعات العريضة التي عانت من الحرمان والضياع، طالما استمعت إلى هؤلاء الاسلاميين وانتقاداتهم لفساد هذه الأنظمة التي أزيحت، وهذه الجماهير العريضة قد تزاحمت ووقفت في طوابير طويلة لكي تصوت للتيارات الاسلامية رغبة في الخلاص من الظلم والفساد.
هذه الجماهير التي لم تقف في حياتها في مثل هذه الطوابير الطويلة، إلا لتحصل على حاجاتها الأساسية من الخبز، لديها تطلعاتها ومطالبها وآمالها التي علقتها على الاسلاميين الذي أتوا لكي يحققوا الحرية والعدالة الاجتماعية.
هذه الجماهير، رغم سنوات الظلم الطويلة، لن يطول صبرها كثيرا حتى تتحقق لها تطلعاتها في حياة كريمة، بعد انفكت قيودها وعرفت طريقها للثورة التي اصبحت أمرا سهلا في ظل الفيسبوك.
وقد تكون المرونة من قبل الاسلاميين ضرورية، ليس فقط تجاه مجتمع الأعمال والسياحة، ولكن تجاه العالم الخارجي أيضا، حتى لا تضع نفسها بين ضغوط الخارج، التي ستمارس لافشال المشروع الاسلامي وهو في مهده من خلال الاقتصاد والحصار إن تطلب الأمر، وبين تعجل الشعوب الفقيرة في الداخل.
ولم يكن الأمير الوليد أقل صراحة في حديثه عن الدول العربية التي تتمتع بالاستقرار السياسي مثل غالبية دول الخليج العربي، حيث قال أن على هذه الدول أن تنظر لما يجري حولها وتأخذه بعين الاعتبار، ولم يستثن المملكة العربية السعودية من ضرورة إجراء إصلاحات سياسية إلى جانب الاصلاحات الاقتصادية لكي تقود المنطقة نحو الاصلاح.
ولاشك أن أقوى الأنظمة السياسية وأكثرها ذكاءا هي تلك التي تستجيب لما يجري حولها من تغيير وتمتلك المرونة والقدرة على إجراء الاصلاح التدريجي الذي لا يسبب هزات عنيفة من ناحية، ولا تسمح للغير بالتدخل في شئونها لأنها لا تسبح بعيدا عن السياق العام.
ونستطيع بكل فخر أن نقول أن البحرين قد بدأت هذا الطريق منذ فترة وسوف تمضي فيه إلى نهايته.