الحادث الإرهابي الذي تعرضت له جريدة شارلي إيبدو الفرنسية أحدث دويا هائلا على مستوى العالم كله واهتزت أوروبا بأكملها، ووقف جون كيري وزير الخارجية الأميركية يخاطب الفرنسيين باللغة الفرنسية لكي يصل صوته إلى القلوب والعقول.
وبطبيعة الحال سارعت وسائل الإعلام ومراسلو الفضائيات على مستوى العالم بالإشارة إلى داعش والإرهاب الإسلامي كمنفذ للعملية، من قبل أن تعلن الأجهزة الأمنية الفرنسية أية معلومات عن تورط أية جهة في هذه العملية التي راح ضحيتها 12 شخصا، من بينهم أربعة من صحافيي الجريدة المذكورة.
ولاشك أن ربط الحادث بداعش وغيرها من الدواعش والدواهي التي ابتلي بها العالم العربي والإسلامي،سوف يلاقي قبولا لدى العالم كله، بما فيه العالم الإسلامي نفسه، فالأحداث التي وضعت فيها المنطقة التي نعيش فيها جعلت الإرهاب صناعة إسلامية بامتياز، ولا مجال للتفكير أو التحليل العلمي المحايد بخصوص هذا الحادث أو غيره.
لا أحد سيهتم بما أورده موقع “إنترناشونال بيزنس تايمز” الأميركي من أن الموساد الإسرائيلي هو الذي قام باقتحام مقر مجلة “شارلي إيبدو” وقتل 12 شخصًا بالمجلة من بينهم 4 رسامي كاريكايتر، وأنه قام بذلك انتقاما من تصويت البرلمان الفرنسي لصالح فلسطين بالإضافة إلى تصويت فرنسا لصالح المشروع الفلسطيني في الأمم المتحدة، وسعيا لإلصاق التهمة بالمسلمين.
ولا أحد سيصدق أن هجوم المجلة على “أبوبكر البغدادي”، زعيم تنظيم داعش، الممول من مصادر أجنبية، وفر للموساد البيئة المناسبة لتنفيذ العملية باستخدام مسلمين من أصول عربية لزيادة العداء ضد المسلمين في العالم.
ولا أحد سيشغل نفسه بحرق المساجد في السويد بعد قيام السويد هي الأخرى بالتصويت لصالح دولة فلسطين في الأمم المتحدة.
لن يقول أحد إن الإرهاب هو سلاح موجه ضد المسلمين والعرب في كل الأحوال، بمعنى أن الإرهاب الذي يقتل الآلاف في الشوارع العربية كل يوم، هو أداة لتخريب الدول العربية وحرقها وإدخالها في حروب طائفية وتفتيتها، بمعنى أن الإرهاب الذي يسقط خمسة أو عشرة أفراد في أوروبا أو أميركا، هو أيضا سلاح ضد العرب والمسلمين، لأنه سيلصق بالعرب والمسلمين دون غيرهم!
نحن في كل الأحوال ندفع الثمن لأن الوجوه التي تنفذ العمليات الإرهابية هي وجوه عربية ترتدي لحى إسلامية، ولأن رعاة الإرهاب من الدول وأجهزة الاستخبارات لا يراهم أحد!
والدول الكبرى وفي مقدمتها الولايات المتحدة تتحدث عن الإرهاب بلغتين مختلفتين، فعندما يقتل الإرهاب نساءنا وأطفالنا، نجد إما سكوتا، وإما دفاعا عن حقوق الإنسان الإرهابي، وليس دفاعا عن حقوق الانسان الضحية!
الإرهاب – الذي هو أداة المؤامرات وأداة تقسيم الدول وتحطيم مقدراتها – لن يتوقف مادامت الأجهزة الاستخبارية الكبيرة ترعاه وتخطط له.
والإرهاب الذي يريد للعالم أن يصل إلى الحرب العالمية الثالثة، تلك الحرب التي ستقوم على أساس ديني، هو إرهاب معروف أهله وممولوه، الذين هم أهل المؤامرات والحروب على مر التاريخ الإنساني.