جماعات الإسلام السياسي إلى أين؟

جماعات الإسلام السياسي إلى أين؟

قبل ثلاثة أيام عقد في العاصمة الأردنية عمان مؤتمر لحركات الإسلام السياسي من 14 دولة عربية وحضره ممثلون للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين لبحث الأوضاع في الدول العربية.  وخلص المؤتمر إلى القول: إن السعي لشطب حركات الإسلام السياسي من المشهد العربي سيؤدي إلى حروب داخلية في بلادها، وتبنى المؤتمر في جلسته الختامية شعار تنظيم الإخوان “الإسلام هو الحل”، ودعا أن يتم تنفيذه على مستوى النماذج الإدارية والاقتصادية. ونحن نقول لهم: لقد فات الأوان وضاعت الفرصة، فلقد أسأتم إلى الشعوب التي تنتمون إليها وأسأتم إلى الاسلام معا، لأنكم رفعتم شعارا ولم تكونوا أنتم على مستواه، فالعيب فيكم وليس في الاسلام. هذا الشعار الذي ساعدكم على تجنيد الآلاف من المتدينين قد أضحى اليوم شعارا مرفوضا من غالبية الشعوب العربية. وللتوضيح فإن رفض الشعوب العربية – المتدينة بالأساس – لهذه الشعار ليس رفضا للإسلام، ولكنه رفض لكم ولممارساتكم وإصراركم على الاستئثار بكل شيء واتخاذكم الديمقراطية وسيلة لاقتناص الحكم فقط ثم إغلاق الباب خلفكم والتخلص من هذه الديمقراطية كما تتخلصون من ملابسكم القديمة. كان يجب أن تفهموا أن الشعوب العربية، التي صبرت على الاستبداد والجوع نصف قرن من الزمان، والتي أجلستكم على كراسي الحكم، لن تصبر عليكم كما صبرت على الأنظمة المستبدة التي كانت قبلكم، لأنكم أتيتم باسم الدين وباسم الفضيلة، ومن بينكم من بدأ أول يوم له في الحكم وهو يقول لشعبه “أنا ليس لي حقوق إنما علي واجبات”، أي انه أتى كمنقذ ومحقق لأحلام شعبه الذي طالت معاناته، ولكن سرعان ما حولته الجماعة إلى مجرد خادم أمين لخطة الجماعة في السيطرة على كل مفاصل الدولة وإقصاء الجميع عن المشهد، وبالتالي أصبح مجرد مندوب لجماعته في قصر الحكم وانفصل عن شعبه تماما، وكانت النتيجة الوحيدة التي حققها هي الانتقال من حالة العداء التاريخية مع أجهزة الأمن التي كانت تخدم الأنظمة الاستبدادية المخلوعة إلى العداء مع الشعب نفسه وهي حالة أسوأ بكثير من التي قبلها ولا سبيل لعلاجها ولو بعد نصف قرن من الزمن أيضا. لقد كبرت جماعات الإسلام السياسي وزاد عددها وسيطرت على الشارع بتعاطف الشعوب معها، ذلك التعاطف الذي كان من أهم أسبابه مطاردة أجهزة الأمن لقيادات وأتباع هذه الجماعات، ومع ذلك تصرفت هذه الجماعات بغباء سياسي لم يسبق له مثيل، لدرجة أنها جعلت الشعوب التي أجلستها على الكراسي تركض نحو الأمن ونحو الجيش وترتمي في أحضانه وتطلب النجدة. اليوم تقولون إن شطب جماعات الإسلام السياسي من المشهد السياسي ستنتج عنه حروب داخلية في الدول العربية ونسيتم أنكم أنتم الذين شطبتم أنفسكم من هذا المشهد بسوء إدارتكم للمرحلة وإساءتكم للاسلام ولشعاركم “الإسلام هو الحل”!. يا ترى مع من ستكون هذه الحروب الداخلية التي تهددون بها؟ هل هي مع الشعوب أم مع الجيوش أم مع الاثنين معا؟.وبأي مال سوف تمول هذه الحروب؟ وما هي النتائج التي ستترتب عليها سوى تفكيك وتدمير الدول التي تنتمون إليها؟.إنكم، والحال كذلك، تحتاجون إلى شعار آخر غير شعار “الإسلام هو الحل” الذي تصرون عليه، ولستم أهلا له، فأنتم تحتاجون إلى شعار يصف ما أعلنتم عنه وهو “إما الحكم وإما الحرب”، فكفى إساءة للاسلام وراجعوا أنفسكم وعودوا إلى أحضان شعوبكم ولا تستمعوا إلى أردوغان المغرور الذي يحلم بالخلافة.