جرائم بشعة

جرائم بشعة

في فترة زمنية متقاربة قرأنا عن ثلاث جرائم، مات فيها الضمير والإنسانية والإحساس بشكل لم يسبق له مثيل، وكان الرابط بين الجرائم أن الدافع واحد وهو الخوف من الفضيحة، وكان أيضا السبب الذي أوصل الجناة إلى الجريمة علاقة جنسية محرمة. وهناك رابط آخر هو وقوع الجرائم الثلاث في مجتمعات عربية مسلمة، الأولى وقعت في البحرين والثانية في المغرب والثالثة في مصر.

وكانت الجريمة الأولى لامرأة بحرينية لم تجد سبيلا للتخلص من الفضيحة التي حلت بها بسبب علاقة جنسية بشخص فعل فعلته واختفى، سوى القيام بإلقاء طفلتها التي أنجبتها من ذلك الشخص في أحد البيوت، حيث تصادف أن كان بابه مفتوحا لحظة مرورها من أمامه، وأما الجريمة الثانية فكانت لسيدة مغربية حاولت إلقاء طفلتها التي أنجبتها أيضا من علاقة غير شرعية في إحدى حاويات القمامة، فتم القبض عليها أثناء محاولتها. وأما الجريمة الثالثة فهي الأشنع، حيث قامت الأم التي أنجبت طفلتها في المستشفى بخنق الطفلة للتخلص من العار، رغم أن هذه الابنة غير مجهولة الأب، ورغم أن هذا الأب لم ينكر أبوته لها، فقد تزوج من الجانية بعد أن عاشرها وعلم أنها حملت منه وأصبح الحمل كبيرا، ولكن الأم خشيت أن يلزمها المجتمع المحيط الذي يعلم أن زواجها لم تمر عليه تسعة أشهر أو حتى سبعة، فقررت خنق الطفلة البريئة خوفا من العار.

هذه الحوادث المرتبطة بالخوف من الفضيحة زادت بشكل واضح في المجتمعات العربية في ظل أوضاع اجتماعية واقتصادية معينة جعلت تكاليف الزواج وتكاليف بناء الأسرة مسألة صعبة جدا، فظهر الانحراف تحت ضغط الغريزة الجنسية القاهرة، وهو أمر واضح من خلال المآسي الثلاث التي قرأنا عنها.

هذه ليست محاولة للدفاع أو التعاطف مع مؤتمرات هذه الجرائم ولكنها محاولة لطرح قضية لا يطرحها أحد في المجتمعات العربية وهي قضية الكبت الجنسي الناشئ عن الظروف الاجتماعية والاقتصادية، وتنشأ عنه حالات سقوط تدفع المرأة وحدها ثمنها. لقد لاحظت في الخبر الخاص بالمرأة البحرينية أنه بفضل العلم وتحليل الحامض النووي للطفلة تم التعرف على الأم التي أصبح مصيرها السجن هي ومن ساعدها من صديقاتها، فهل يمكن أن يؤدي نفس التحليل للحمض النووي إلى الرجل الذي فعل فعلته وهرب؟.