تزايدت في الفترة الأخيرة الأحداث التي تدل على تنامي روح التعصب والعنصرية ضد الإسلام والمسلمين في أوروبا، على رغم أن قيم التسامح والدعوة إلى عدم التعصب تتزايد في الدول الإسلامية منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 وما ترتب عليها من ويلات حدثت للمسلمين المقيمين في أوروبا وأميركا.
ففي الوقت الذي يمارس فيه كثير من الهيئات الدينية في الدول العربية والإسلامية – الحكومية على وجه الخصوص – الدعوة إلى احترام عقائد الآخرين وإظهار الروح السمحة للإسلام، نجد أن وسائل الإعلام الغربية- تحت ذريعة حرية التعبير– تقوم ليل نهار بشن حملات لتبشيع الإسلام والمسلمين.
هذه الحملات الظالمة هي السبب في زيادة روح التعصب لدى المواطن الأوروبي ضد كل ما هو إسلامي، رغم وجود تصريحات رسمية أوروبية تقول بضرورة احترام الأديان من وقت لآخر.
لا يوجد تفسير آخر لتزايد حوادث العنف ضد المسلمين في الغرب وتزايد الأنشطة المعادية لكل ما هو إسلامي، فقبل أشهر قليلة اغتال مواطن ألماني المواطنة المصرية مروة الشربيني بطريقة غاية في البشاعة داخل محكمة ألمانية. وقبل أيام جاءتنا الصحف بخبر عجيب عن اعتزام سويسرا – تلك الدولة الأوروبية التي لم نسمع عنها التعصب والإساءة للمسلمين قبل اليوم – إجراء استفتاء حول منع إنشاء المآذن على أراضيها.
والأمر المؤسف أن نتيجة الاستفتاء جاءت ملبية لمطالب الحزب اليميني المسيحي الذي دعا لهذا الاستفتاء، فقد وافق 57 % من السويسريين على حظر بناء المآذن في بلادهم…
قد يقول قائل إن المسألة لا تتطلب هذه الضجة من المسلمين، حيث سيتم فقط حظر بناء المآذن أما دور العبادة الخاصة بالمسلمين فسوف تبقى على النحو الموجود من قبل، ولكن هذا الكلام يعد تبسيطا كبيرا لقضية خطيرة جدا، فنتيجة هذا الاستفتاء هي إعلان صريح عن التعصب ضد المسلمين في سويسرا.
وإن كل ما فعلته الدولة السويسرية هو أنها قامت بإلباس هذا التعصب ثوب الديمقراطية بتركها قضية حساسة كهذه للشعب الذي يشرب التعصب والكره من وسائل الإعلام ليل نهار.
وطالما أنه تم ترك مسألة المآذن التي تخص أقلية مسلمة في سويسرا ليتم تقريرها من خلال تصويت أغلبية مسيحية عليها، فما الذي يمنع أن يقوم نفس الحزب اليميني المسيحي، أو يقوم غيره، بالمطالبة باستفتاء على حظر بناء المساجد أو حظر ممارسة طقوس العبادة للمسلمين، خصوصا وأن هذا الحزب اليميني المتعصب قد تبنى حملة غاية في البشاعة ضد الإسلام والمسلمين وصوَّر المآذن كأنها صواريخ وأدخل في رؤوس الناس أن المآذن رمز للهيمنة الإسلامية يهدد الهوية المسيحية للبلاد.
تبسيط المسألة على أنها رفض للمآذن فقط أمر غير مقبول في دول تنادي ليل نهار بالحرية وحقوق الإنسان، ناهيك عن إن المسألة قد تنقل إلى دول أوروبية أخرى، ويمكن أن تختبئ الحكومات وراء هذه الاستفتاءات سيئة السمعة لإلباس المسألة ثوب الديمقراطية، بدلا من العمل على محاربة التعصب والعنصرية، وبدلا من دعوة وسائل الإعلام الغربية إلى التوقف عن تبشيع صورة الإسلام والمسلمين.