يقول الدكتور جمال الزرن أستاذ الإعلام بجامعة البحرين إن بعض كتاب الرأي يعتبرون المساحة المخصصة لهم عبارة عن شقة مفروشة، يقولون فيها ما يريدون، وكيف يريدون.
وتقول أحدث وأول دراسة من نوعها تصدر من جامعة بحرينية عن الصحافة البحرينية إن تزايد عدد الصحف أدى إلى تراجع أخلاقياتها. الدراسة التي أعدها الباحث الزميل محمد الساعي ضمن رسالة ماجستير، تقول إن الصحافة المحلية لعبت دورا بارزا في تأجيج الطائفية في البحرين في السنوات الأخيرة بعد تزايد الصحف البحرينية.
والحقيقة أن مسألة تأجيج الصحافة للطائفية واضحة كوضوح الشمس في رابعة النهار، ويستطيع الشخص العادي أن يتبينها من خلال عملية تحليل مضمون بسيطة لعينات مما ينشر، ليس فقط على مستوى كتابات الرأي التي تعبر أولا وأخيرا عن وجهة نظر من يكتبها، ولكن أيضا على مستوى التغطية الإخبارية التي يفترض فيها الحياد التام، حيث تختلف صياغات الأخبار التي تتناول بعض القضايا المحلية وتتلون بشكل واضح.
ولكن هذه الدراسة الأولى من نوعها غاية في الأهمية لأنها تعد أول توثيق علمي يقيم علينا الدليل ككتاب ومحررين وكل من يعمل في مجال الصحافة، فهي دراسة علمية تستند إلى أسس ومعايير بحثية، وليست مجموعة من الانطباعات الشخصية التي تصدق في جزئية وتخيب في أخرى.
هذه الدراسة تكشف، بشكل يؤدي إلى المرارة، أن كتاباتنا الصحافية تؤدي في كثير من الأحيان إلى نتائج مناقضة تماما لما نزعمه وندعيه في مقدمات ما نكتبه من أعمدة ومقالات، فكلنا نزعم أننا ضد الطائفية، وكلنا ننتقد الطائفيين، ثم ننحرف بعد أسطر قليلة، بلا وعي أحيانا، أو بخبث وحبكة فنية لا يخطئها القارئ اللبيب، أحيانا، إلى غاية أخرى فنغرق في الطائفية حتى الأذنين وما بعد الأذنين ونبدأ في تصفية الحسابات وتخوين الغير.
وأنا في هذه المادة المتواضعة لا أقصد أن أعطي دروسا لغيري، ولا أستثني فيما دونته آنفا إلا القليل ممن رحم ربي، والدليل على ذلك أنني كتبت هذه المادة باستخدام الضمير “نحن” وليس الضمير “هم” لكي أبين أننا جميعا في حاجة إلى وقفة مع النفس والتخلص من رجس الطائفية.
وبقدر ما نشكر صاحب هذه الدراسة والمشرف عليها الدكتور زهير ضيف والجامعة الأهلية أن أقاموا علينا الدليل وقاموا بتشخيص الداء في هذه المرحلة التي يعتبرها بعض المتخصصين مرحلة مخاض للصحافة البحرينية، فنحن أيضا نحملهم مسؤولية كبيرة في قادم الأيام حول ضرورة قيام الجامعة، ممثلة في أقسام الإعلام، بجهد عملي أكبر، ليس فقط في مجال تخريج جيل جديد ومهني من الدارسين في هذا التخصص، ولكن أيضا في خدمة المجتمع الصحافي الموجود حاليا عن طريق إعداد برامج تدريب وتثقيف للعاملين بحقل الصحافة والإعلام، حتى تصل الصحافة البحرينية إلى المستوى الذي يرضي تطلعات المجتمع، وتكون على مستوى النهضة التي تحققت في المجالات كافة.
زبدة القول
“إنني أستغرب صراحة من وجود صحافيين لهم انتماءات سياسية وأجندة انتخابية وفي نفس الوقت بعض المهام الصحافية، وأتساءل: كيف يمكن أن يكون الصحافي رمزا سياسيا ومشرفا مثلا على قسم ما في الصحيفة؟” الدكتور جمال الزرن.