من الممكن أن ينجو الشخص من الموت أو من محاولة اغتيال مرة أو مرتين أو حتى ثلاث مرات على أكثر تقدير، ولكن أن ينجو الإنسان من محاولات اغتيال محكمة أكثر من عشر مرات فذلك شيء غريب.
نقول هذا الكلام بمناسبة الخبر الذي نشر الأسبوع الماضي الذي يقول إن الجنرال بيرفيز مشرف الحاكم العسكري السابق لباكستان قد نجا من محاولة اغتيال جديدة باستخدام قنبلة وضعت أسفل جسر على الطريق الذي يسلكه من المستشفى العسكري إلى منزله، وقال الخبر ان مشرف نجا من الموت بأعجوبة حيث انفجرت القنبلة قبل دقائق من مروره على الجسر.
لقد تذكرت، عند قراءتي لهذا الخبر، الكتاب الذي ألفه مشرف قبل تركه الحكم في باكستان وأسماه “على خط النار”، الذي حكى فيه أنه تعرض للموت مرات كثيرة في حياته.
وكانت المرة الأولى التي واجه فيها الموت، كما حكى، في العام 1961 عندما انكسر به فرع شجرة مانجو فسقط على الأرض وظن من كانوا حوله أنه قد لقي حتفه، وفي العام 1972 كان من المفترض أن يكون بين ركاب طائرة باكستانية تحطمت فوق الجبال، ولكنه لم يصعد على متن الطائرة لكي يفسح المجال لجثتي مواطنين باكستانيين قتلا في انهيار جليدي فنجا من الموت في اللحظة الأخيرة.
وفي 17 أغسطس 1988 كان من الممكن ان يموت مشرف مع الرئيس ضياء الحق خلال تحطم الطائرة الباكستانية سي 130، حيث كان قد اختير سكرتيرا عاما للرئيس، ولكن في اللحظة الأخيرة تم استبعاده وتعيين آخر في مكانه ليرافق هذا الأخير الرئيس في رحلته الأخيرة بدلا منه!
وفي العام 1982 نجا مشرف من حادث طائرة هليوكوبتر لأنه تأخر عن موعد إقلاعها بسبب انشغاله بلعب مباراة في البريدج، وحيث اضطر قائدها الذي كان صديقا لمشرف للإقلاع بعد ان ظل ينتظره وقتا طويلا!
وفي 12 أكتوبر 1999 كانت طائرة مشرف على وشك الهبوط في كراتشي عندما تم منعها من الهبوط بأوامر من نواز شريف رئيس الوزراء آنذاك وأغلقت دونها كل مطارات باكستان وأمر قائدها بمغادرة المجال الجوي للبلاد، وكان وقود الطائرة على وشك النفاذ عندما حدث الانقلاب العسكري الذي أنقذ حياة مشرف وأتى به إلى الحكم!
وفي العام 2001 كان مشرف في نيويورك لحضور اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، وعندما أقلعت الطائرة التي كان على متنها من نيويورك تلقى قائدها تحذيرا من المراقبة الجوية يفيد بوجود قنبلة في داخلها،فعاد قائدها إلى المطار، ولكن تبين أنها كانت خدعة!
وكانت آخر محاولة اغتيال يتعرض لها مشرف وهو في سدة الحكم في 14 ديسمبر 2003 وكانت باستخدام قنبلة انفجرت بعد مرور سيارته بثوان معدودة، ثم تكررت المحاولة مرة أخرى بعد أسبوعين من نفس الشهر، وبالتحديد في 25 ديسمبر وقتل فيها 41 من حراسه.
ثم تأتي المحاولة التي وقعت قبل أيام ونجا منها أيضا، وكأنه محصن من الموت!
الغريب أن مشرف متهم الآن بالخيانة العظمى، بعد كل هذه الرحلة المريرة التي رأى فيها الموت كل هذه المرات، فكيف يا ترى ستكون نهايته؟