بالتأكيد هو اتفاق ضد المصالح العربية

بالتأكيد هو اتفاق ضد المصالح العربية

الإعلام السعودي وصف الاتفاق النووي الإيراني مع دول الغرب بأنه اعتداء على المصالح العربية، وهذا وصف صحيح مئة بالمئة، لأن الطرف الوحيد الذي لا ينظر أي من الطرفين إلى مصلحته هو الطرف العربي، وهو الطرف الذي لم يتلق سوى الكلام من الولايات المتحدة الأميركية وتطمينات لا تسمن ولا تغني من جوع.
الكل لا يحترم إلا القوي الذي يملك وسائل ضغط يستطيع أن يستخدمها في مواجهة خصومه، والدليل على ذلك، وبعد سنوات طويلة أن اضطرت دول الغرب لأن تجلس مع إيران على طاولة المفاوضات أكثر من مرة وتترك المائدة أكثر من مرة وتلوح في الأفق مؤشرات الفشل أكثر من مرة، ولكنها عادت في النهاية إلى المائدة والحوار لحل المشكلة.
ورغم أننا لم نقرأ بنود الاتفاق النووي الإيراني ولم نعرف عنه شيئا يذكر، إلا أننا نؤكد بكل وسائل التأكيد أنه ضد المصالح العربية، ليس لأننا ممن يفسر كل الأمور بنظرية المؤامرة، ولكن لأن العقل والتفكير للحظات قليلة يجعلنا نفهم ذلك، فمعنى أن يجلس طرفان على مائدة مفاوضات أن تكون هناك أرضية مصالح مشتركة فيما بينهما، ومعناه أن كلا منهما سيمشي نحو الآخر بمسافة ما، كبيرة أو صغيرة، ولكنه لابد أن يمشي، ولابد أن يتنازل كل طرف عن شيء مما يريد، صغيرا أو كبيرا، ولابد أيضا أن يحصل على شيء مما يريد، صغيرا أو كبيرا، وإلا فلا يكون للحوار والمفاوضات أي معنى.
ما معنى الصورة التي نشرتها كل وسائل الإعلام لظريف وهو يبتسم ابتسامة رائقة في الشرفة بعد توقيع الاتفاق، وما معنى احتفال الشعب الإيراني في الشوارع بالتزامن مع هذه الصورة؟
معناه أن إيران حققت الحد الأدنى مما تريد ومعناه أن إيران وأميركا أصبحتا حليفتين في العلن، ومعناه أن السياسة لا يوجد بها صديق دائم ولا عدو دائم، ولكن فيها مصالح تحميها القوة وتحميها ما تملكه الدول من وسائل ضغط تستخدمها في مواجهة غيرها من الدول.
ربما يكون هذا الاتفاق قد قيد يد إيران بدرجة ما في الوصول السريع إلى تحقيق طموحاتها النووية، ولكنه بالتأكيد أطلق يدها إلى أقصى مدى في القيام بكل ما تريد في المنطقة العربية، وهذا أمر منطقي في عالم العلاقات الدولية، فما الذي يمنع الغرب الآن، بعد كل الذي جرى والذي يجري في منطقتنا، من أن يجعل إيران هي شرطي المنطقة والحليف الذي يمكن الاعتماد عليه؟
وما الذي يمنع إيران الآن من تكثيف عبثها بالدول العربية وزيادة دعم الجماعات التابعة لها هنا وهناك بعد أن رفعت عنها الضغوط والعقوبات الدولية وعادت إلى حالة اقتصادية أفضل؟
ولكننا في النهاية لا نلوم إلا أنفسنا، فلولا أن إيران تملك من القوة والسلاح ما يجعل الغرب يفكر كثيرا قبل مهاجمتها لما جلس الاثنان على مائدة واحدة.
لا حل للعرب سوى الجيوش والسلاح، لا حل للعرب سوى الاتحاد الخليجي والجيش الخليجي الواحد.