الإصلاحات على مدى التاريخ وفي كل أنحاء العالم عملية دائمة لا تتوقف ، هكذا يؤكد تاريخ الدول العريقة في الديمقراطية ، ومن يريد أن يتأكد من ذلك ، عليه أن يقرأ التاريخ البريطاني وكيف تم تشكيل مجلس النواب ومجلس اللوردات ، وكيف تطورت الحياة الدستورية كلها حتى وصلت إلى صورتها المثلى . وننظر أيضاً كم إستغرقت الولايات المتحدة من وقت لكي تتخلص من العنصرية والتمييز .
إنها النشأة الدستورية الواقعية للمؤسسات الدستورية كما يسميها المختصون في هذا المجال والتي تجعل هذه المؤسسات قابلة للنجاح والبقاء .
أقول هذا الكلام لمن يحاولون دائماً أن يسيئوا لتجربتنا الديمقراطية الإصلاحية ويحملون في عقولهم ترسانة جاهزة من التفسيرات المريضة لكل ما يتم إتخاذه من خطوات على طريق تقدم هذا البلد، ويدفعون الناس إلى الغضب ضد الشىء ونقيضه. إذا سجن مخرب أو خارج على القانون يجيشون الناس ضد النظام ، وإذا أطلق سراحه يقولون أن في الأمر شيئاً ولابد أن هناك مؤامرة خلف ذلك.
تجربتنا الإصلاحية تتطلب من الجميع أن ينفضوا غبار الشك والريبة عن أذهانهم وأن يضعوا أيديهم في يدي جلالة الملك لكي تصل تجربتنا إلى صورتها المثلى.
لونظرنا إلى حجم الإنجاز الذي تحقق في عشرة أعوام وقيمناه بنفوس عادلة وقلوب عامرة بالولاء لهذا البلد ، لإكتشفنا أنه إنجاز لا يتحقق في ثلاثين عاماً .
وعلينا أن نتذكر أن تجربتنا الإصلاحية نبعت من الداخل البحريني بقناعة من جلالة الملك من قبل أن تدعونا القوى الدولية إلى ذلك ، بما يعني أننا لم نتلق ضغوطاً خارجية لكي نسير في تجربتنا ولم يكن إنجازنا نابعاً من الرغبة في التجمل أمام الآخرين كما حدث في أماكن أخرى من العالم .
لقد تذكرت وانا أسجل هذه السطور ما قاله سماحة الشيخ علي سلمان قبيل إنتخابات عام 2006التي شاركت فيها جمعية الوفاق حيث قال بالحرف الواحد: “ما لم نحصل على 13 مقعداً ، فإن هذا يعني أن الإنتخابات مزورة” ، فحصلت الوفاق على 16 مقعداً أكثر من سقف تمنيات سماحته. ألا يكفي هذا لإثبات حسن النية والرغبة الصادقة من قبل جلالة الملك في المضي قدماً على طريق تقدم هذا البلد.
لقد كان إصرار جلالته على إنجاز هذه الصورة البديعة لإنتخابات عام 2006 واضح للجميع ، إبتداءاً من الإستجابة لمطالب الرافضين للتصويت الإلكتروني ووصولاً إلى يوم الإنتخابات التي تمت أعين العالم وشهد بنزاهتها العدو والحبيب. بل وشهد لها سماحة الشيخ علي سلمان مقدماً ( من خلال الفرق بين العدد 13 والعدد 16) .
لكل هذا نريد ممن يحملون في قلوبهم خيراً لهذه المملكة ويريدون للمركب أن تواصل رحلتها أن يدرسوا جيداً توجيهات جلالة الملك حول الحوار الوطني من خلال السلطة التشريعية التي توافق عليها أبناء الشعب ، لأن البديل لذلك الفوضى الهدامة وليست الخلاقة من مشهدنا السياسي.