قضية الهجرة (غير الشرعية) كما يسميها دول الغرب وتسميها الأدبيات المكتوبة حول العالم، كشفت أمور كثيرة غير شرعية وغير أخلاقية في هذا العالم الذي نعيش ويتشدق فيه الكثيرون بحماية حقوق الإنسان وحقوق الحيوان وحقوق الشواذ جنسيا.
إذا كان العالم الذي نعيش فيه يعتبر الهجرة من مكان إلى مكان دون مراعاة لإجراءات وقوانين الدول عملا غير مشروع، فهذا أمر لا يمكننا الاعتراض عليه، ولكن هناك حالات استثنائية يجب على الجميع أن يراعيها ويطبق عليها الحد الأدنى من الإنسانية في التعامل مع بني البشر.
ولمزيد من التوضيح نقول إن هناك أعدادا كبيرة من البشر لم يقرروا الذهاب إلى غرب المتوسط؛ من أجل تحقيق الثراء المادي، ولكنهم أرادوا الهروب من الموت المفروض عليهم إلى عالم يزعم أنه يحمي حقوق الإنسان.
لماذا ترفض دول أوروبا مثلا أن تقف إلى جانب الشعب السوري في محنته وتستوعب الفارين من أبناء هذا الشعب كغيرها من الدول المحيطة بسوريا، والتي تدفق إليها الآلاف من الهاربين من جحيم الحرب؟
أليس الذي جرى في السيارة التي كانت تحمل السوريين المساكين في إحدى عواصم الغرب خير دليل على نفاق هذا العالم؟ أليست جثة الطفل السوري التي تقاذفتها الأمواج ورآها الجميع أكبر دليل على كذب العالم ونفاقه؟
كم يبلغ عدد الفارين من الحروب والصراعات، من سوريا أو من غيرها لكي يعتبرهم العالم عبئا عليه ولا يقوم بمساعدتهم؟
وكم ينفق العالم (المتمدين) لكي يشعل الصراعات هنا وهناك، وكم من السلاح يقوم الغرب بتقديمه لهذا وذاك لكي تستمر هذه الصراعات وهذا القتل إلى ما لا نهاية؟
ولماذا لا تقوم الأمم المتحدة بالنظر في مشكلة مثل هؤلاء التعساء الذين جنى عليهم العالم كله؟أليس هؤلاء لاجئون فارون من نار الحرب، أم إنها تعتبرهم خارجين عن القانون؟
الخلاصة النهائية أن العالم الذي نعيش فيه مليء بالقسوة وبالنفاق وبالتجرد من القيم الإنسانية،ولكن أصحاب الحضارات المنتصرة كأمريكا وأوروبا يستطيعون التزين وخلق صور براقة لأنفسهم أكثر من أصحاب الحضارات المهزومة مثل العرب والمسلمين، وفي النهاية تأتي مشاهد هؤلاء الغرقى الذين ذهبوا إلى الموت بعد أن يئسوا من الحياة في أراضيهم، لكي تكشف عورات الجميع.