تابعنا كلمة وزير التربية والتعليم الدكتور ماجد النعيمي في افتتاح المنتدى الوطني لمواجهة العنف، ذلك المؤتمر الذي يتناول دور المؤسسة التربوية في مواجهة العنف والاعتداءات، والذي يقام بصالة وزارة التربية والتعليم والذي تنظمه المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة “الآيسيسكو” بالتعاون مع لجنة البحرين الوطنية للتربية والعلوم والثقافة.
وبكل صراحة كلمة وزير التربية والتعليم تدمي القلوب وتبعث على اليأس، ليس لعيب في الوزير أو في الكلمة، فالدكتور النعيمي من أرقى الشخصيات التي تقلدت منصب وزير التربية والتعليم، وله بصمة يشهد بها الجميع في النهوض بالوزارة والمناهج ولديه طموحات جيدة لمستقبل التعليم في البحرين.
ولكن الذي يدعو لليأس حقيقة هو كم المآسي والجراحات التي عكستها الكلمة، وهي كلها وقائع شهدناها وعشناها جميعا، فمسلسل العنف الذي مورس ضد المدارس خلال الفترة الماضية شيء يدعو للأسف، بل يدعو للخجل.
فعدد الاعتداءات التي وقعت ضد المدارس 195 اعتداء في بلد صغير الحجم.. والعدد يصيب بالهلع، فلماذا المدارس؟ لماذا المدارس الابتدائية التي يتعلم فيها فلذات أكبادنا الصغار الذين يفترض أن يكونوا بعيدين كل البعد عن السياسة وعن صناعة الكراهية وشهوة الانتقام التي تملأ صدور الكبار.
كان من المفترض مثلا، كما ذكر معالي وزير التربية والتعليم، أن يناقش هذا المؤتمر قضايا خاصة بتطوير التعليم والنهوض به والوصول إلى العالمية في إعداد أجيال المستقبل والبحث في سياسات ومناهج جديدة تؤدي إلى مزيد من التفاعل بين المؤسسات التعليمية وبين المجتمع، ولكن للأسف تحول المؤتمر للحديث عن العنف المتفشي ليس فقط على مستوى المجتمع ككل ولكن العنف الموجه ضد المؤسسات التعليمية ذاتها، أي أن المدرسة وجدت نفسها مجبرة على الدفاع عن نفسها في مواجهة الساعين إلى تدمير دورها، بدلا من القيام بدورها الأساسي وهو محاربة العنف والتطرف في المجتمع.
وحتى المعلمون الذين يناط بهم أن يكونوا رسل سلام ويكونوا هم السد المنيع في مواجهة العنف وصناعة عقول رافضة للتطرف والكراهية، هم أنفسهم تحولوا في لحظة ما إلى أدوات للكراهية والإرهاب الفكري وسعوا إلى هدم محاريبهم التي يجب أن يكونوا حراسا عليها.
إنها مأساة حقيقية أن يسعى البعض إلى تفريغ شحنات الكراهية والتطرف ضد مؤسسات تعليمية ويسعى إلى هدم العملية التعليمية في البلاد، فاستهداف التعليم بالذات هو جزء من استهداف الدولة البحرينية كلها، والسعي لإغلاق المدارس عن طريق الإرهاب هو أكبر دليل على افتقاد الوطنية والولاء لهذا البلد.
وعلى الرغم من درجة الإحباط التي نشعر بها، إلا أننا نتمنى من الله أن يكون هذا المؤتمر بداية جيدة لعمل جاد من أجل نبذ العنف والسعي لإبعاد المدارس عن العنف وإبعاد العنف عنها، وكلنا أمل في الدكتور النعيمي وفريقه، والله ولي التوفيق.