هل يعد إسقاط شرط الحصول على مؤهل جامعي من شروط الترشح للانتخابات النيابية ردة للوراء أم أنه إعادة تصحيح لوضع خاطئ إلى حد ما؟
قد يقول البعض أن الدول تتقدم ولا تتأخر وأن الشروط المرتبطة بالمستوى التعليمي يجب أن تتجه نحو الزيادة والتشدد وليس نحو التسهيل، على اعتبار أن عدد المتعلمين خاصة في البحرين أصبح أغلبية على العكس من دول أخرى كثيرة في المنطقة.
وقد يقول البعض الآخر أن الأصل في عمل المجالس النيابية هو التشريع وليس تقديم الخدمات المباشرة للجماهير، وهذا يتطلب أن يكون النائب متعلما ولديه على الأقل شهادة جامعية.
ولكن هذا الكلام ليس صحيحا إلى حد بعيد، فالشهادة الجامعية ليست وحدها دليلا على صلاحية الانسان لنيل مقعد في مجلس النواب، فقد يكون هناك من يحمل شهادة متوسطة ولكن لديه من الثقافة وقوة الشخصية والقدرة على التحرك والعمل العام ما يجعله اكثر قدرة من غيره على تبوء هذا المكان.
قد لا تكون هذه الشريحة، المثقفة بلا شهادات جامعية، شريحة قليلة العدد، ولكنها موجودة ولديها القدرة على خدمة الوطن أكثر من كثيرين ممن يحملون الدكتوراه، فإذا ما حرمناها من التطلع إلى المجالس النيابية نكون قد أهدرنا أهمية الثقافة والاطلاع والاجتهاد الشخصي، مع اعترافنا بطبيعة الحال أن هذه الشريحة سوف تزول يوما من الأيام، حيث إن التعليم الجامعي قد أصبح هو الحد الأدنى لدى الكثير من الدول.
كان عباس محمود العقاد الأديب المصري الشهير، صاحب المؤلفات العظيمة وصاحب الكتابات الشعرية والنقدية الكثيرة، يحمل الشهادة الابتدائية فقط، ورفض بعد تاريخه الطويل أن يحصل على الدكتوراه، ربما لأنه كان على يقين أن الذين سيمنحونه هذه الدرجة العلمية أقل منه علما وإمكانيات، فانتفت قيمة هذه الدرجة العلمية بالنسبة له، فقد كان اسمه وما قدمه للبحث وللمكتبة العربية أكبر من أي دكتوراه.
ولا ننسى في حديثنا عن شروط الترشح أن المسألة لها جانب آخر وهو تقييم الناخبين وقدرتهم على اختيار النائب الذي يمثلهم، فهذا الجانب يمكن له وحده أن يحسم المسألة بعيدا عن التحديد القانوني الدقيق الذي قد يزعج البعض ممن لا يحملون شهادات جامعية ويجعلهم يشعرون بالاقصاء.
أقصد أن هؤلاء الناخبين سوف يختارون الأفضل الذي يستطيع أن يقنعهم أنه أمين على مصالحهم وعلى المشاركة في سن التشريعات التي تضمن حقوقهم، سواء كان يحمل شهادة جامعية أو لا يحمل.
ولكن مع كل هذا، ففي رأيي الشخصي، يجب أن يكون أعضاء اللجان البرلمانية المهمة ورؤساؤها من أصحاب المؤهلات الجامعية أو الممارسات المهنية في مجال تخصص اللجنة التي يتولونها، خاصة اللجان المتصلة بنواح قانونية أو دينية أو خارجية أو المتصلة بالدفاع والأمن القومي، لأن التخصص والخبرة والممارسة المهنية تضمن أن تمارس اللجنة عملها بنجاح.