الولايات المتحدة الأمريكية تعتبر الإنسان الذي ينتقد إسرائيل وممارسات إسرائيل إنسان غير مؤهل للحصول على أي ميزة،وحتى إن أخطأت ومنحته هذه الميزة أو المكافأة فيمكن أن تسحبها منه في آخر لحظة إذا هي فتشت في ضميره واكتشفت أنه معاد لإسرائيل ولو بكلمة قالها على التويتر أو الفيسبوك.
وكأن كل القيم الإنسانية في كفة والاعتراض على إسرائيل في كفة! فما هذه الحضارة العجيبة وما هذه القيم الغريبة في الدولة التي تتفوق في كل الأشياء ما عدا شيء واحد وهو العدل وكيل الأمور بمكيال واحد.
سميرة إبراهيم فتاة مصرية قررت الولايات المتحدة أن تمنحها جائزة أسمتها جائزة المرأة الشجاعة ، كونها ناشطة سياسية في مصر واجهت مصاعب معينة خلال رحلة الثورة المصرية ولفتت انتباه أمريكا الدولة الكبيرة بسبب مواجهتها لهذه المصاعب بشجاعة حسب رؤية أمريكا.
ولكن بعد أن سافرت سميرة لتتسلم الجائزة من أكبر دولة في العالم وهي الولايات المتحدة الأمريكية التي تنادي بحماية حقوق الإنسان واحترامه في أنحاء العالم،تبين للأخيرة أن سميرة قد غردت على التويتر ذات مرة تغريدة معادية لربيبتها إسرائيل،فقررت أن تساوم سميرة على مبادئها وقناعاتها،ومارست عليها ضغوطا معينة لكي تعتذر عن هذه التغريدة لكي تنال الجائزة التي كانت قد تقررت لها بالفعل.
قمة الاستهتار بالإنسان وبقيمه ومبادئه واحترامه أن يتم مساومته من قبل دولة في حجم أمريكا على ثباته على مبادئه من أجل جائزة لا تساوي جناح بعوضة عند من يعرفون معنى المبادئ ومعنى احترام الإنسان لذاته ولبلده ولأمته.
ولكن قمة الانتصار في الوقت ذاته،بل قمة العظمة، أن يرفض الإنسان أن يساومه أحد على مبادئه ولو كان الثمن جائزة ثمينة.
هذه الفتاة المصرية سميرة إبراهيم ارتقت أعلى وأعلى وهي بدون الجائزة الأمريكية المشروطة بالركوع لإسرائيل،ولو كانت قبلت بالضغوط التي مورست عليها لتعتذر عن تغريدتها لكانت قد سقطت سقطة رهيبة ولأهانت بلدها وأمتها واستحقت أن يبصق عليها الجميع حتى وإن حصلت على مائة جائزة أمريكية.
لقد سمعتها على إحدى الفضائيات وهي تقسم لمحاورها أنها لو علمت أنها سوف تساوم على مبادئها من أجل جائزة أمريكا لما سافرت إلى هناك،بل قالت ماهو أشد وهو أنها لو عرضت عليها هذه الجائزة في المستقبل فلن تقبلها.
هذا الموقف المدان من دولة كبيرة في مواجهة فتاة صغيرة يؤكد شكوكنا العميقة تجاه الكثير من الشعارات الغربية التي ترفع في وجوهنا ليل نهار ويجلدنا إعلامهم عندما يضبطنا ونحن مخالفين لها.
لو كانت الولايات المتحدة صادقة في تقديرها للشجاعة فعليها الآن أن تخترع جائزة جديدة تسميها “جائزة المرأة الأكثر شجاعة” وليس جائزة “المرأة الشجاعة”،وأن تمنح هذه الجائزة الجديدة لسميرة إبراهيم أيضا.
فإذا كانت سميرة قد استحقت “جائزة المرأة الشجاعة” لأنها اتخذت مواقف شجاعة في بلدها مصر،فهي الآن تستحق “جائزة المرأة الأكثر شجاعة” لأنها صفعت أكبر دولة في العالم!