القرار الأخير الذي اتخذته المحكمة الجنائية الدولية تجاه السودان والذي يضيف تهمة أخرى جديدة للرئيس عمر البشير وهي تهمة الإبادة الجماعية، لم يترك تفسيرا آخر يمكن تبنيه حول موقف هذه المحكمة المشبوه تجاه السودان الشقيق سوى المؤامرة الساعية لتقسيم السودان تحقيقا لأطماع ومخططات قوى أجنبية هي نفسها ليست فوق مستوى الشبهات وليست بريئة من تهم الإبادة وسفك دماء الأبرياء.
التوقيت الذي تبنت فيه المحكمة هذا الموقف الجديد الغريب من الرئيس البشير يؤكد دون أدنى شك أن المحكمة الجنائية الدولية هي محكمة سياسية مئة في المئة وأنها جزء من المؤامرة التي تنفذ ضد السودان، وهي تقوم بمحاولة مفضوحة لتوفير غطاء شرعي للساعين لتمزيق هذا البلد الشقيق، وتشارك في إرباك السودان مع اقتراب موعد الاستفتاء الذي سيترتب عليه فصل الجنوب عن الشمال حسب هوى القوى الساعية لهذا التقسيم كجزء من مخطط كبير لتمزيق الأمة العربية.
لقد أحرقت الولايات المتحدة الفلوجة العراقية بالفوسفور الأبيض وأبادت الآلاف من العراقيين الأبرياء، في الفلوجة وفي غير الفلوجة، ملايين من العراقيين قتلوا، وملايين العراقيين شردوا، ولم يرف جفن للسيد أوكامبو المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، ولم يتهم أي قائد أو رئيس بتهمة الإبادة أو حتى بتهمة أقل منها، ربما لعدم كفاية الأدلة أو ربما لأن الولايات المتحدة لم توقع على اتفاقية روما التي يبدو أنها أنشئت لمحاكمة العرب فقط.
ويبدو أن السيد أوكامبو لم ير أسوأ مذبحة ارتكبتها الحكومة الصهيونية في غزة بعد مذبحة صبرا وشاتيلا ومذبحة قانا، أو ربما أيضا لعدم كفاية الأدلة وعدم توقيع الحكومة الصهيونية على اتفاقية المحكمة لم يقم أوكامبو حتى الآن بتوجيه أي اتهام لأي سفاح إسرائيلي.
ولكن المحكمة تمكنت من تلفيق الاتهام للرئيس البشير بمنتهى السهولة ولم تلتفت إلى تقارير الجامعة العربية ولا لقرارات الاتحاد الأفريقي، التي تقول بعكس ما تقوله المحكمة، وعلى الرغم من أن السودان أيضا غير موقع على اتفاقية محكمة الأخ أوكامبو ذي الخلق الرفيع.
فكيف بالله نقبل هذا الهوان؟؟ الولايات المتحدة أشادت بقرار المحكمة ودعت إلى اعتقال الرئيس البشير رغم كونها أكثر دولة ارتكبت جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، ورغم أن احتلالها للعراق دون أي شرعية دولية هو في حد ذاته جريمة.
لا يجب أن تسكت الدول العربية على هذا الهوان، ويجب أن تقوم بما هو أكثر من الاستنكار والرفض لقرارات هذه المحكمة المشبوهة، لأن النية باتت أكثر وضوحا حول تفتيت السودان طمعا في خيراته، وكأن النفط قد خلق من أجلهم، وليس لنا إلا أن نجني الخراب والدمار.
الشيء الذي يزيد الطين بلة أن هذا المدعي العام الساعي إلى اعتقال رئيس عربي انتخبه شعبه، هو نفسه يجب أن يقدم للعدالة ويجب ألا يتبوأ ذلك المنصب لأنه شخص متورط بالتحرش الجنسي، فقد نشرت صحيفة الحياة في 18 يوليو 2008 أنه حاول إجبار صحافية جنوب أفريقية على ممارسة الجنس معه، حيث قام بسرقة مفتاح سيارتها ورفض إعادته إليها ما لم تمارس الجنس معه.!
صحيح أن الصحافية صرحت فيما بعد أنه لم يتم ارغامها على ممارسة الجنس، وأنها فعلت ذلك لاسترداد مفاتيحها، ولكن القصة تبين المستوى الأخلاقي لذلك الكائن الذي وضع على رأس هذه المحكمة!