بدأنا نردد كلمة المحاصصة في صحفنا، نقلا عن هذا أو ذاك، ونفيا من هذا أو ذاك، وسواء كانت الحكومة هي التي طرحتها أو كان هناك من يدعي على الحكومة في هذا الشأن، فلنا كمواطنين أو كتاب أن ندلي بدلونا في هذا الأمر الخطير.
المحاصصة تعني الاعتراف بأننا لسنا شعبا واحدا وتعني أن الوطن كلمة بلا معنى، وهي بداية الخراب لأية دولة من الدول، لأن المحاصصة، بمعنى تخصيص حصص في الحكم أو في المجلس النيابي لكل فئة من الفئات، هي ضد فكرة الدولة نفسها، وضد تقدم الدولة، بل ضد بقائها من الأساس.
إن أسوأ أنواع المحاصصة هي تلك التي تقوم على أساس ديني أو مذهبي، لأنها تؤدي إلى تجبر من يسمون أنفسهم “رجال الدين” والذين يمثلون مرجعية لقرارات وتحركات المذهب أو الطائفة.
ويكون الأمر أكثر سوءا وأكثر سوادا عندما تأخذ المرجعية الموجودة في الداخل أوامرها من مرجعية أعلى منها خارج الوطن وخارج الوطنية، لأن هذا يعني أن فكرة الوطن نفسها قد ماتت وكفنت ودفنت وأن كل شيء يدار من قبل أشخاص لا علاقة لهم بالوطن وحدوده وتاريخه وجغرافيته ومصالحه.
وإذا كنا نعاني بالفعل من مسألة الارتباط بالخارج وهيمنة المرجعيات الخارجية على تحركات ومطالب معينة، رغم عدم إعمالنا لنظام المحاصصة في الحكم، فما بالنا لو اتبعنا هذا النظام؟
اتباعنا لهذا النظام معناه تقنين وشرعنة التدخل الخارجي في شؤوننا الداخلية ومعناه وضع البذرة الأولى للتقسيم.
وإذا كان هناك من يعد أو يبشر بحلول الاستقرار في بلادنا إذا نحن نفذنا هذا النظام، فهو واهم أو جاهل، فهذه العملية ستكون مجرد أساس وبداية لما بعدها من عمليات التقويض المنظم للوطن.
هذا العملية لن تؤدي إلا لتقوية عضلات الساعين إلى محو البحرين من الوجود المتطلعين للقضاء على آل خليفة عن طريق استخدام تكتيك يشبه قفزات الضفادع، حيث يقوم الضفدع بالقفزة الأولى، ثم يثبت أقدامه في الأرض أولا قبل أن يمارس القفزة التالية!
انظروا حولكم للتجارب الفاشلة التي خربت الدول التي اتبعت هذا النظام وقرروا بعدها، خصوصا في ظل الأوضاع السيئة التي يمر بها العالم العربي كله، ولا تنسوا أن الطائفية هي أهم أدوات التقسيم الثاني لهذا العالم حتى في الدول التي لم تكن بها طائفية من قبل، فأصحاب المؤامرة قاموا بالفعل بـ “تخليق” هذه الطائفية – إن صح هذا التعبير – في هذه الدول عن طريق الجماعات الإرهابية الضالة التي تهدد استقرارها ومستقبلها.