بثينة خليفة قاسم
23 أكتوبر 2018
اللغة العربية .. إلى أين؟
أمون كألواح الأراني نسأتها
على لاحب كأنه ظهر برجد .
كم من العرب يستطيع أن يفهم هذا البيت الذي كتب بمفردات وتراكيب عربية واضحة؟ لا أعتقد أن كثيرين يمكنهم أن يشرحوا معناه،وربما لا يعرف معناه سوى أساتذة الأدب الجاهلي والطلاب الذين درسوه بالصدفة خلال مناهجهم الدراسية.
ما أريد أن أقوله هنا هو أن الفجوة بين اللغة العربية القديمة وبين لغة السياسة والإعلام واللغة التي نكتبها ونتحدثها أصبحت كالفجوة بين اللغة اللاتينية وبين اللغات الأوروبية الحديثة …
فكلمة أمون مثلا في هذا البيت تصف الناقة بأنها آمنة لمن يركب عليها وانه لا خوف عليه من السقوط ،وألواح الأراني نوع من الخشب القوي الذي لا ينكسر ،أما كلمة نسأتها فهي كلمة قرآنية أخذت من المنسأة ،والمنسأة هي العصا ،كما ورد في الآية القرآنية الخاصة بموت نبي الله سليمان ( فما دلهم على موته الا دابة الأرض تأمل منسأته) ونسأتها في هذا البيت معناها وجهتها بالعصا ..على لاحب ،يعني على طريق ضيق مستقيم ،كأنه ظهر برجد ..والبرجد هو القماش المخطط بخطوط مستقيمة الذي يصنع منه العدد التي توضع على ظهر الجمال لكي يركب عليها الناس،،والشاعر البدوي القديم لم يجد شيئا مستقيما يشبه به الطريق الذي سار عليه بناقته سوى هذا الخط الذي يراه أمامه على ظهر الناقة …
اللغة العربية القديمة بمفرداتها وتراكيبها وتشبيهاتها قد أصبحت بعيدة ومختلفة عن اللغة المستخدمة في وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة، ولكن هذا لا يشكل شيئا خطيرا لأن المفردات هي التي تتغير واللغة كائن ينمو ويكبر ويقبل مفردات جديدة مع تطور الزمن وتطور التكنولوجيا الحديثة.
المهم أن تبقى القواعد والتراكيب الصحيحة ويتم إدخال المفردات الجديدة بواسطة أهل اللغة وأساتذتها والقائمون على المجامع اللغوية. ولكن الطامة الكبرى التي أصابت اللغة العربية هي ما يجري حاليا على الفيسبوك وغيره من تخريب واسع النطاق لمفردات وقواعد هذه اللغة .