الدول المحترمة هي الدول التي تمتلك إرادة الإصلاح الذاتي وتسعى دوما إلى تعديل قوانينها واختراع مؤسساتها الضرورية لمواكبة التطور الذي يطرأ على العالم الذي نعيش فيه ولا تظل ساكنة حتى تصبح نشازا بين دول العالم ويتم تصويرها كدولة تسير خارج السياق، ثم تضطر إلى قبول خطط الغير وتوصياته وربما إملاءاته التي تنتقص من قدرها واستقلالها وتفتح الباب لتشويه صورتها في وسائل الإعلام.
لقد تعودنا هذا في البحرين بشكل يدعو إلى الفخر منذ ما يزيد على عشر سنوات، فنحن نصلح أوضاعنا ونستبق ما يريده لنا الآخرون، سواء بحسن نية أو بسوء نية منهم، فنقوم باتخاذ القرارات التي تفوت الفرصة على الجميع في النيل منا وتشويه صورتنا.
هذا ما حدث عندما فاجأ جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة العالم كله بمشروع إصلاحي، في وقت كان غيرنا فيه لا يزال يحبو في مجال الديمقراطية، وكان غيرنا يتعرض للضغوط المريرة ليسمح بجزء من ألف جزء مما سمحنا به في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير.
وهذا ما حدث عندما سمحت البحرين – على عكس الصورة العامة للمنطقة التي نعيش فيها – بانتخابات برلمانية حرة شهد بها العدو والصديق.
وهذا ما حدث عندما تعاملنا بتحضر واحترام لحقوق الإنسان مع الاحتجاجات وأعمال العنف التي وقعت رغم التجاوزات والسعي لإسقاط الدولة، وكانت النتيجة أن من أصيبوا أو سقطوا خلال أعمال العنف لم يتجاوز عددهم عدد ضحايا حوادث السيارات خلال نفس المدة التي وقعت خلالها الاحتجاجات. وهذا ما حدث عندما قام جلالة الملك المفدى بطلب لجنة دولية مهنية معروفة للتحقيق في أحداث هذه الاحتجاجات قبل أن يطلبها المحتجون ومن يقفون وراءهم من أفراد أو كيانات، وقام بإعطاء اللجنة كافة الضمانات وحرية التحرك والحصول على المعلومات من جميع الجهات دون تضييق أو إخفاء لأي معلومة، ثم الاستماع بإنصات لهذه اللجنة وتنفيذ مقرراتها.
وهذا ما حدث الآن عندما قرر صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان رئيس الوزراء إنشاء لجنة تنسيقية عليا تختص بالتنسيق مع الجهات الحكومية في المسائل المتعلقة بحقوق الإنسان، كخطوة جديدة ضمن الجهود التي تقوم بها الدولة البحرينية للتأكيد على احترامها لحقوق المواطن البحريني والتأكيد على أنها أحرص من غيرها على كرامة هذا المواطن.
هذه السياسة البحرينية في صنع ما ينبغي أن يكون قبل أن يطلبه الداخل والخارج هي من أهم وسائل الحفاظ على استقرار الدولة البحرينية وصمودها في مواجهة كل محاولات هز هذا الاستقرار لأنها تفوت الفرصة على من يريد فرصة للتدخل في شؤوننا والمشاركة في صنع مصيرنا.
أحلى عيدية:
صادف ان تلقيت في أول أيام عيد الفطر المبارك اتصالا هاتفيا من مكتب سمو رئيس الوزراء الخاص؛ ينقل لي شكر سموه وتقديره لكل ما اطرحه من موضوعات في صحافتنا البحرينية. والحق يقال إن رئيس الوزراء من أكثر الشخصيات حرصا على متابعة الصحافة الوطنية وما تمثله من نبض للشارع البحريني، ورغم انشغالاته، إلا أن ذلك لم يثنه يوما عن القراءة والتواصل مع كتاب الرأي والأعمدة – تحديدا- لإيمانه الشديد بأهمية القلم كسلاح، ولاحترامه لمساحة الحرية التي يتمتع بها كتاب الرأي.
كما انه أثنى على والدي- رحمه الله- ودوره الرائد في صحافتنا البحرينية منذ بواكير تأسيسها، وقال سموه: “ليس غريبًا ما نقرأه لبثينة؛ فهي ابنة رجل أعطى الكثير للبحرين من خلال مواقفه الوطنية في صحافتنا المقروءة”، فكانت تلك الكلمات – لعمري- أحلى عيديه تلقيتها في حياتي.
شكرا يا صاحب السمو، شكرا يا أبا لكل من فقد أباه، حفظك المولى من كل مكروه، وقدرني على خدمة البحرين ورفعة شأنها وصون كرامتها، هذا وعد مني ومن ذريتي إلى يوم الدين.