خلال الفترة الماضية رأينا سيلا من التصريحات لوسائل الإعلام العالمية حول الأوضاع في البحرين،خاصة لقناة العالم ذات التوجه الإيراني التي دأبت على نقد البحرين والإساءة إليها.
القاسم المشترك بين جميع أصحاب التصريحات العنترية هو أنهم جميعا تحدثوا باسم الشعب البحريني وقالوا ان ما يطالبون به يخص الشعب البحريني بكل فئاته وليس اجتهادا شخصيا منهم، أو تعبيرا عن فئة، أو حتى تعبيرا عن المعتصمين في الدوار.
الذي طالب بإسقاط الحكومة قال انه يتحدث باسم الشعب البحريني كله، الذي طالب بإقامة ملكية دستورية قال انه يتحدث باسم الشعب البحريني بكل فئاته، الذي أعلن رفضه لإقامة ملكية دستورية وطالب بإلغاء الدستور الحالي، نسب مطالبه للشعب البحريني بكل فئاته، الذي تهور وطالب بإسقاط النظام، قال ان هذا هو مطلب الشعب البحريني، الذي صرح بأن جناحي الوطن متفقان على نفس المطالب ولا فرق بين سني وشيعي، قال أيضا انه يتحدث باسم الشعب كله، فهل هذا معقول؟ هل يجوز أن ينسب كل هذا للشعب بأكمله؟
يمكن للإنسان أن يتحدث عن مطالب المعتصمين أو مطالب المدرسين أو مطالب المرأة أو مطالب الخريجين،لأن هذا شيء قريب من الحقيقة والمنطق، ويمكن لكل مواطن أن يعبر عن رأيه ويطالب بما يشاء، ولكن أن يقوم كل من هب ودب بالتحدث باسم الشعب دون ضابط فهذا تهريج سياسي مضحك، ولا يمكن لباب البحرين، على اتساعه، أن يسمح بمروره من خلاله!
لو كان تعداد الشعب البحريني يصل إلى خمسة ملايين أو حتى ثلاثة لكانت المغالطة والمزايدة مسألة سهلة إلى حد ما، ولكن تعداد الشعب البحريني لا يصل إلى المليون مواطن، بالتالي فمعظم السادة المتحدثين باسم الشعب في حاجة لأن يضبطوا تصريحاتهم لقنوات الفتنة الساعية لخراب البحرين، لأن الذي يتحدث باسم الشعب البحريني بأكمله كما يقول السادة المزايدون، يجب أن يبينوا لنا ما إذا كان النصف مليون مواطن الذين خرجوا عند جامع الفاتح هم أيضا من الشعب البحريني أم من شعب بلاد تركب الأفيال؟ ويجب أن يبينوا أيضا هل رجال الجيش والشرطة هم أيضا ضمن الشعب البحريني الذي يتحدثون عنه، أم انهم من جزر القمر؟
تناقض عجيب يملأ أدبياتنا المكتوبة والمسموعة والمرئية، ليست فقط بين جماعة وجماعة، أو بين شخص وآخر ممن تألقوا في عالم التصريحات العنترية لقنوات الفتنة الفضائية، ولكننا قد نجد التناقض في كلام الشخص الواحد، الذي يريد أن يتأكد عليه بمراجعة تصريحات أحد هؤلاء إلى إحدى القنوات الإيرانية الذي قال في مقابلة واحدة ان الشعب هو الذي يحرك المعارضة وليست المعارضة هي التي تحرك الشعب، ثم عاد بعد قليل وطالب الشعب بالخروج والمشاركة في عصيان مدني لزيادة الخراب الاقتصادي في المملكة، ولم يبين لنا هل هو من الشعب أم من المعارضة!!
الديمقراطية التي ننادي بها هي ثقافة قبل أن تكون ممارسة وانتخابات وتشكيل حكومات، ويجب أن يكون المنادون بها ديمقراطيين في تفكيرهم وفي نظرتهم للأمور قبل أن يطالبوا بها.