العمالة السائبة.. التحديات والحلول

العمالة السائبة.. التحديات والحلول

نحن العرب نجيد الحديث عن مشكلاتنا وشرح أسبابها ونتائجها، ولدينا منظرين وخبراء في كل المجالات، نتحدث عن أسباب أزماتنا الاقتصادية وعن مشكلات أمنية وسياسية وعن مؤامرات تحاك ضدنا، ولكننا لا نتخذ قرارات أو نضع استراتيجيات بعيدة المدى للتعامل مع مشكلاتنا.
منذ أكثر من عشر سنوات – قبل انهيار أسعار النفط – ونحن نتحدث عن العمالة الأجنبية في دول مجلس التعاون، خصوصا ما يسمى بالعمالة السائبة التي هي إما قدمت إلى البلاد بشكل غير قانوني أو أن مدة إقامتها انتهت ولم ترحل عن البلاد، ولكننا لم نتخذ أي إجراء يكون من شأنه التعامل مع هذه المشكلة حتى تنتهي بالتدريج كما تفاقمت بالتراكم على مدار السنين.
كل عام يكتب الناس في الصحف وتعقد الندوات والحلقات البحثية حول العمالة السائبة التي تنخر اقتصاد البلاد ويتم تشخيص الداء ولكن لا دواء شاف حتى الآن، وكانت آخر الندوات التي عقدت حول هذه المشكلة تلك الندوة التي أقامها مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية بفندق الريجنسي  تحت عنوان “العمالة السائبة في دول مجلس التعاون التحديات والحلول” وحضرها عدد من الخبراء والباحثين.
وقال رئيس مجلس أمناء المركز خلال الندوة إنه مثلما كان لهذه العمالة ومازال دور حيوي في إرساء البنية التحتية والإسهام في النهضة الحضارية المعاصرة لدول المجلس، فإنها أيضا أدت إلى بروز آثار وتداعيات سلبية على صعد متعددة وأبعاد متشابكة، اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وأمنياً. حيث إنه مع تقادم الزمن تحولت قضايا العمالة الوافدة في دول مجلس التعاون إلى هاجس يؤرق الحكومات والرأي العام والمجتمعات، حيث كان الهدف الرئيسي من استقدامها يندرج ضمن الأهداف الاقتصادية، إلا أن التفاعلات التي أثارتها والتداعيات الناجمة عن تزايدها، باتت تشكل خطراً يهدد أمن واستقرار دول المجلس في الحاضر والمستقبل، ولاسيما أن حجم العمالة الأجنبية أصبح ضخما، حيث أمست تشكل النسبة الغالبة لقوة العمل ونسبة عالية من السكان. وبلغت قيمة التحويلات المالية للعمالة الوافدة إلى بلدانها نحو 100 مليار دولار عام 2014.
ولنا أن نضع خطا أحمر تحت آخر ما قاله الفضالة وهو مبلغ المئة مليار دولار التي تم تحويلها من قبل هذه العمالة خلال عام واحد فقط، ولنحسب استفادتنا من هذا المبلغ الكبير الذي تحمله اقتصادنا.
إنني أخشى أن يأتي اليوم الذي ينفد فيه النفط الذي أتى بهذا الكم الكبير من العمالة السائبة ومع ذلك تبقى هذه العمالة كما هي مستوطنة في أراضينا مكونة أغلبية معينة لها كلمتها ولها تأثيرها على سير الأمور.