العراق والحرب الطائفية القادمة

العراق والحرب الطائفية القادمة

بات من الواضح جدا أن العراق سيكون المحطة القادمة من محطات الخراب التي أطلقوا عليها الربيع العربي،فأعداد المتظاهرين المطالبين برحيل نوري المالكي تتزايد على نحو كبير،خاصة في الفلوجة،المحافظة السنية التي كانت عصية أكثر من غيرها بكثير على قوات الاحتلال الأمريكي التي اضطرت لاستخدام الأسلحة المحرمة دوليا مثل الفوسفور الأبيض لكسر مقاومة هذه المحافظة.
الإصرار واضح على رحيل المالكي،فقد نصب المتظاهرون خيامهم بشكل يبين أنهم مستعدون للبقاء طويلا حتى يرحل الطاغية كما وصفوه.
ونحن لسنا قلقين على سقوط المالكي،فهو بكل تأكيد رجل لا يستحق حاليا أن يكون رئيسا لوزراء العراق الذي عانى كثيرا ودفع ثمنا باهظا خلال الاحتلال الأمريكي البريطاني وارتوت أرضه بدماء الشهداء،فالمالكي رجل طائفي لا يتعامل مع أبناء شعبه بميزان واحد،والدليل على ذلك أن هناك محافظات عراقية تعاني نقصا في أساسيات العيش الكريم رغم ما تمتلكه بلدهم من ثروات.
ولكن ما يقلقنا شيء آخر،لأن المتوقع بعد سقوط المالكي هو تعرض العراق إما للتقسيم ،أو لحرب طائفية طويلة المدى تدمر مقدراته أكثر مما دمرته الحرب الأمريكية عليه.
المالكي بلا شك هو رجل إيران في العراق الآن،وإذا كان لإيران أن تسمح برحيله،فهي ستسمح برحيله فقط كشخص،ولكنها لن ترضى إلا برجل يكون عميلا لها منفذا لأوامرها،وما عدا ذلك فلنتوقع أن تفعل إيران بالعراق أكثر مما فعلته في سوريا.
إيران لها رجالها في العراق في كل الأماكن الحساسة،ولها جماعات مسلحة وفرق إعدام جاهزة للتحرك متى صدرت لها الأوامر لتنفيذ الاغتيالات ضد الشخصيات السنية المناهضة لها،ولها حزب الله العراقي الذي ارتفع صوته خلال الأيام الماضية وتجرأ على تهديد المملكة العربية السعودية،والذي سوف يكون له دورا كبيرا في أي حرب طائفية قادمة.
وإيران بالتأكيد إن لم تتمكن من منع  سقوط المالكي،فسوف تسعى بكل قوتها للإتيان برجل جديد لا يقل عن المالكي في تبعيته وخدمته لها،وإن لم يفلح هذا ولا ذاك ودخلت العراق في حرب طائفية طويلة فسوف تواصل إيران دعمها للفريق الذي يمثل مصالحها ويضمن لها الهيمنة على مقدرات العراق،حتى تضع الحرب الطائفية أوزارها وتقسم العراق على الهوى الإيراني أيضا،فسوف تحرص إيران بطبيعة الحال على مساعدة الطائفة التي تتبعها بكل السبل وتربطها بها فكرا ومصيرا ومصالح مشتركة.
لا نتمنى للعراق وللشعب العراقي سوى الأمن والسلام ولا نتمنى أن تقع هذه الحرب المقيتة،ولكن من حقنا في نفس الوقت أن نعبر عن تشاؤمنا حول مستقبل العراق وحول مستقبل الأمة العربية كاملة.
فإذا كان الحال هو ما نراه في الدول العربية التي قامت فيها الثورات،فكيف سيكون الحال في العراق،التي لا تحتاج الحرب الطائفية فيها سوى لشرارة صغيرة  لكي تشتعل وتحرق الأخضر واليابس؟!