وافقت الحكومة السعودية في اجتماع ترأسه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود قبل يومين على ما سمي بالرؤية السعودية 2030 التي تتضمن برامج اقتصادية واجتماعية من شأنها تحقيق التنمية الشاملة في المملكة على كل المستويات.
ويعد هذا الخبر من الأخبار السارة، ليس فقط للمواطن السعودي، ولكن للمواطن الخليجي والمواطن العربي دون مبالغة، لأن هذه الرؤية التي باركها الملك سلمان تسعى حسب ما فهمنا، ليس فقط إلى المحافظة على المستوى الذي يعيشه المواطن السعودي في عصر النفط، ولكن الى تحسين هذا المستوى اقتصاديا واجتماعيا في عصر ما بعد النفط.
هذه الرؤية – حتى وإن لم نطلع عليها ونفهم تفاصيلها الفنية – إلا أنها ترفع معنوياتنا كمواطنين خليجيين وتجعلنا نشعر بالاطمئنان على أولادنا وأحفادنا، طالما أنها تتضمن خططا تنقلنا إلى عصر ما بعد النفط دون صدمات أو انهيارات، بعد تعود جيلنا على حياة مختلفة عن تلك التي كانت موجودة قبل أن يتفجر النفط في دول الخليج، بل مختلفة عن حياة غيرنا من الشعوب التي لم يكن لها نصيب وافر من هذا الذهب الأسود، الذي أثر على أحداث العالم وصراعاته ومؤامراته على مدار خمسين عاما مضت.
قبل أن يتفجر النفط كان آباؤنا وأجدادنا يعيشون حياتهم بحلوها ومرها ويتكيفون مع الطبيعة ومع حياة الرعي والتجارة، ولو لم يأت النفط لواصلوا حياتهم كما هي ولخضعوا لقوانين التغير والتطور البطيء وليس بالطفرات المتسارعة التي جعلت الفرق شاسعا بين حياة الجيل الحالي والجيل السابق.
وعلينا أن نتأمل فيما يمكن أن تؤول إليه الأمور إذا ما انتهى النفط أو انتهت حاجة العالم الملحة إليه، ونحن على غير استعداد للتعامل مع الوضع الجديد.
لقد اكتسبنا كدول خليجية، تأثيرنا على أحداث العالم من قوتنا الاقتصادية ومن الوفرة التي حققها لنا النفط، فكيف يكون حالنا عندما تتغير الأحوال؟
وبالتالي فالتخطيط للمستقبل الشيء الذي سيحفظ لنا كرامتنا ويضمن اللقمة لأبنائنا، وإن لم نفعل فسوف يكتب التاريخ أن هذا الجيل لم يحسن استغلال هذه الثروة التي وهبنا الله إياها، ويكتب أن العمال والمهندسين وكل الذين أتوا للعمل في بلاد النفط استفادوا من خيراتها وعادوا إلى بلادهم فأقاموا المشروعات وأحسنوا الاستفادة من أموال النفط اكثر منا!
هناك دول لم تمتلك الكثير من النفط وليس لديها فوائض مالية من أموال النفط، ولكنها تقدمت في الصناعة والزراعة وفي كل المجالات الأخرى، هناك دول لا توجد لديها سواحل مثل سواحلنا ومع ذلك أقامت مشروعات أسماك ومشروعات كافيار تضيف إلى خزانتها ملايين الدولارات.