الشعب السوداني الشقيق

الشعب السوداني الشقيق

عندما نشر عمودي الذي كتبته حول تصريحات وزير الخارجية السوداني حول علاقات السودان بإيران وبالسعودية،  وجدت اهتماما وصدى كبيرا من قراء سودانيين وتلقيت مئات من الاتصالات الهاتفية والرسائل الإلكترونية،  وقام الإخوة السودانيون بإعادة نشر هذا العمود بجريدة الراكوبة السودانية ليصبح صداه أكثر ولتصبح سعادتي أكثر وأكثر.
 فقد قام الآلاف من السودانيين بتدوين تعليقات ومقطوعات غاية في الرقي من حيث مستوى الفكر واللغة المستخدمة بشكل يجعلني أشكرهم جميعا وأشكر وزير الخارجية السوداني وأشكر جريدة الحياة التي نشرت تصريحاته وأعطتني الفرصة للتفاعل مع هذه العقول والتعلم منها.
حاولت أن أنتقي شيئا لأنشره في هذه المساحة، ولكن عجزت عن ذلك، فقد وجدت أن الغالبية العظمى مما كتبوه يستحق أن ينشر، فقررت أن أحتفظ بها كلها لنفسي كذكرى من ذكريات حياتي.
 تعليقات إخواني السودانيين بها ثقافة واسعة وإبداع لغوي وفهم عميق لشؤون بلدهم وشؤون غيرهم من الدول، ولكن بها، أيضا، مرارة يمكن أن تغير طعم مياه البحر الأحمر ومياه نهر النيل.
 هذه الأشياء التي يلمسها الإنسان فيما يكتبون تجعله يشعر بالذنب والتقصير تجاه هذا الشعب العربي الذي يستحق أوضاعا أفضل من التي يعيش في ظلها، ولكنها تفجر في رأسه أيضا تساؤلات كثيرة أرجو أن يجيب عنها إخواني السودانيون حتى أتعلم أكثر وأكثر، وأنا أعلن بكل شجاعة أنني أتعلم مما يكتبونه من تعليقات.
بداية أنا أعرف أن هذه المرارة والسخرية التي تفيض بها تعليقاتهم سببها المعاناة، وأن المعاناة تصنع العظمة وتصنع الشعر، وأتذكر في هذا السياق مقولة الشاعر الفرنسي دي موسيه”: لا شيء يجعلنا عظماء سوى ألم عظيم”.
السؤال الذي أوجهه لإخواني وأرجو أن يتقبلوه ويجيبوني عنه هو: لماذا لم تتقدم السودان وبها مثل هذه العقول الكبيرة؟
لو كان بالسودان فلاحون وصناع ومخترعون بنفس القوة التي نراها في فكرهم وتعابيرهم لأصبحت السودان في مصاف الدول المتقدمة، أليس كذلك؟ أم أن سؤالي كله غير منطقي؟
هل العقول السودانية مصممة فقط من أجل السياسة والحديث عنها، وأن السودانيين شعب كسول لا يحب العمل؟ أم أن هذا غير صحيح؟
ستقولون طبعا إن الحكومة والنظام هما السبب في عدم تقدم السودان، وسوف ينتقد البعض منكم عدم معاونة الدول العربية النفطية للسودان، أليس كذلك؟
أفيدوني، يرحمكم الله..