السودان وقطر… ودول مجلس التعاون

السودان وقطر… ودول مجلس التعاون

العالم العربي يمر بأسوأ وضع في هذه الأيام فيما يتعلق بالأمن القومي، فلم يكن الخلاف بين دوله بهذا الشكل الذي هو عليه الآن خلال أي فترة من فترات تاريخه، ولم يكن الاختراق الخارجي لهذا العالم على هذه الدرجة من القوة إلا الآن، ولم يكن الخلاف واضحا والاتهامات صارخة كما هو حادث الآن.
فخلال وقت قصير سمعنا تصريحين لاثنين من وزراء الخارجية يبينان ان الأوضاع بين الدول العربية قد أصبحت مستعصية على الحل مثل الأمراض المزمنة.
الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة وزير الخارجية البحريني صرح لجريدة الحياة بشكل مهذب أن مفاوضات الصلح وتنقية الأجواء بين دول مجلس التعاون، السعودية والإمارات والبحرين، من ناحية، وقطر من الناحية الأخرى لم تحقق أهدافها حتى الآن وأن اللجنة المختصة بذلك لا تزال تعمل حتى الآن. ووزير الخارجية السوداني علي كرتي اعترف بوضوح ان هناك توترا في العلاقات بين السودان وبين بعض دول مجلس التعاون، خاصة السعودية والإمارات. وكما هو واضح فتصريحات وزير الخارجية البحريني، على ما هي عليه، ليس فيها ما يزعج، فليس من العجيب أن تطول المفاوضات الخاصة بتصفية الأجواء مع دولة قطر، وطالما أن هناك تفاوضا، فالأمل لا يزال موجودا في تحقق المطلوب، ولكن إذا دمجنا بين ما قاله الشيخ خالد بن أحمد وبين ما صرح به وزير الخارجية العماني، فهنا تظهر علامات الاستفهام وعلامات التعجب أيضا، لأن دولة عمان الشقيقة كانت دولة راعية لهذه المفاوضات!
فهل فشلت محاولات تصفية الأجواء مع قطر أم لا يزال الأمل قائما في عودة الأمور لطبيعتها في دول مجلس التعاون؟
أنا أعتقد أن الأمور أصعب مما نتخيل وأن عودة الأمور لطبيعتها ستطول أكثر من ذلك، فهناك أمور أيديولوجية وهناك أجندات وارتباطات وأصابع خارجية ومصالح متضاربة تجعل مهمة الصلح مهمة شاقة.
وهناك قاسم مشترك واضح بين خلاف قطر مع دول الخليج وخلاف السودان مع دول الخليج، فالسعودية والإمارات طرف ثابت في الخلافين معا، وهذا يجعل الأمور أكثر وضوحا ويسهل للبسطاء من أمثالنا الحكم على المسألة كلها، فالأمور متعلقة بالتنظيم العالمي للإخوان المسلمين ومتعلقة بمصر على نحو واضح.
وقطر والسودان لهما علاقات وتحالفات مع تنظيم الإخوان، وهذا التنظيم لم يعد خطرا على مصر وحدها ولكنه خطر على السعودية والإمارات وكثير من الدول العربية، وما لم تراع قطر مصالح دول الخليج ومصر، فسوف تبقى الأمور على صعوبتها، وما لم يتخل النظام السوداني عن دعمه للإخوان المسلمين ويفكر في المصلحة العليا للسودان فسوف يخسر السودان كثيرا وسوف يعاني من عزلة كبيرة، وسوف يزداد الأمن القومي العربي تضررا.