إلى أي مدى تهتم الخارجية الأميركية أو الدولة الأميركية بحالة الجدل والحوار والكراهية المتعلقة بسفيرها في البحرين؟.
هذا السؤال له أهميته ووجاهته في ظل الحالة العجيبة التي وصل إليها ذلك الرجل الذي يفترض أن وظيفته هي صناعة شيء آخر غير الذي صنعه منذ مجيئه إلى المنامة!.
لم أسمع عن سفير في حياتي يثار حوله كل هذا الضجيج وكل هذا الجدل، فالسفير دائما يكون وجها مختلفا،حتى إن كانت بلاده على غير وفاق مع الدولة التي يبعث إليها، بل إنه في هذه الحالة تحديدا يكون شديد الحرص على عدم إثارة أمور حساسة أو التواجد في مواضع أو أوضاع يمكن أن يساء تفسيرها.
ولكن سفير الدولة الأكبر في العالم لا يكترث بالنتيجة التي صنعها خلال عمله بالبحرين، وربما كانت الخارجية الأميركية نفسها لا تكترث بالحالة غير العادية التي وصل إليها سفيرها في بلادنا.
وهذا أمر يدعو للشك ويجعلنا نقول إن ما يقوم به السفير هو أمر متفق عليه مع الجهة التي أوفدته إلى بلادنا،وأن له مهمة في المنامة يجب أن ينجزها دون اهتمام بما تصنعه تحركاته ولقاءاته، وبالتالي يمكن أن ننظر إلى أميركا على أنها تستخف بالشعوب ولا يشغلها ما تعبر عنه من آراء تجاه دبلوماسييها.
لو أن هذا الأمر حدث لسفير دولة أخرى حتى لو كانت الحملة التي يواجهها من الإعلام ومن الصحافة ومن الشعب حملة ظالمة، لقامت هذه الدولة باستدعائه ونقله لموقع آخر، لأن الأصل في العمل الدبلوماسي هو فتح قنوات اتصال مع الشعوب والحكومات وبناء علاقات تفيد دولة الدبلوماسي الذي تم إيفاده لهذه الدولة او تلك.
قد ينجح السفير بدرجة كبيرة أو صغيرة في تحقيق رؤية بلاده ومصلحتها، وقد يفشل في صنع أي شيء لسبب أو لآخر، ولكنه في هذه الحالة الأخيرة يظل على الأقل كامنا في مكتبه ولا يجلب على نفسه وعلى بلده الكراهية، خاصة إذا كان الشعب الذي أرسل إليه مسكونا في الأصل بشكوك وظنون كثيرة للدولة التي أوفدته.
ليست المشكلة في قيام السفير الأميركي بزيارات لوزارات أو هيئات حكومية، فهذا من صميم عمله، وليست المشكلة في تواصله مع المجتمع البحريني، فهذا أيضا من صميم عمله، وليست المشكلة في ظهوره في برامج الطهي في شهر رمضان أو حتى برامج عالم المرأة والموضة والحياكة أو عروض الأزياء، ولكن المشكلة هي أنه أصبح رجلا مشكوكا فيه على المستوى الشعبي، بل إنه أصبح – على المستوى الشعبي أيضا – شخصا غير مرغوب فيه، لأن غالبية البحرينيين ينظرون إليه على أنه يرعى الطائفية ويريد أن يشعل النيران في البحرين، ولا يهم إذا كان هذا الموقف الشعبي مبنيا على حقائق أم لا، ولكنه موقف واضح، وعلى من يهمه الأمر احترام هذا الموقف.
ونحن نصر على تعبير “على المستوى الشعبي” هنا لأنه لا شأن لنا بموقف الدولة البحرينية منه وتقديرها لهذا الموقف، أما الموقف الشعبي فلنا حق الحديث عنه باستفاضة لأنه واضح للجميع.
وفي النهاية نقول للسفير الأميركي: فلتطهو ما شئت، لأنه يبدو أن هناك أكلات كبيرة ومشاريب كثيرة يجري إعدادها حاليا للشرق الأوسط كله، خاصة الدول العربية.
ونتمنى لكم جميعا إفطارا شهيا، فكلوا واشربوا ولا تقروا عينا!.