أتمنى أن تنجح الأجهزة الأمنية البحرينية في ضبط العناصر الارهابية المتورطة في إطلاق النار على مأتمي الهملة ودمستان بسرعة وتقدمهم إلى العدالة لينالوا العقاب المناسب على فعلتهم هذه، لأن ما قاموا به لا يستهدف المآتم في حد ذاتها ولكنه يستهدف البحرين كلها ويريد أن يشعل النار في أرجائها.
صحيح أنه لم تقع خسائر في الأرواح خلال هذين الحادثين، ولكن هذا لا يقلل من خطورة مثل هذه الأحداث التي تريد أن تنال بشدة من الأمن القومي البحريني وتسرع ببدء الحرب الطائفية التي يراد لها أن تبدأ.
ويجب أن نضع في حسباننا أن من يقوم بعمل كهذا هو إنسان بلا انتماء ولا وطنية ولكنه مستأجر للقيام بمهمة لتأجيج نار الطائفية وجر البلاد نحو الاحتراب الداخلي الذي هو أداة المؤامرة الكبرى، ليس في البحرين وحدها ولكن في المنطقة برمتها.
وحدث كهذا لا يمكن الفصل بينه وبين ما يجري في المنطقة من أحداث دامية، فالمال والسلاح يقدم لمعدومي الوطنية لكي ينقلوا المنطقة إلى المرحلة الأخطر وهي مرحلة الدم التي إن بدأت لا قدر الله فلن تنتهي أبدا إلا بانتهاء الجميع.
ولا شك أن نجاح رجال الأمن في تقديم هؤلاء للعدالة ستكون له أهميته في إسكات الذين يستغلون مثل هذه الأحداث الدخيلة علينا في تغذية الطائفية.
الذين يطلقون النار على المآتم إنما يطلقون النار على وحدتنا الوطنية ويريدون الإجهاز على وحدة الوطن وبقائه ولذلك لابد أن نعبر جميعا بوضوح عن رفضنا مثل هذه الأعمال الجبانة التي لا تقل عن أية أحداث إرهابية أخرى.
وإذا كان دور الشرطة هو البحث عن هؤلاء المجرمين وتقديمهم للعدالة، فإن دورنا كمواطنين أن نتأمل في مثل هذه الأحداث التي قد تبدو بسيطة أمام البعض منا، رغم خطورتها، لكي نعرف إلى أي مدى يراد لنا أن نمشي في نفس الطريق الذي مشت فيه ليبيا واليمن وغيرهما.
لقد آن الأوان لكي ننسى خلافاتنا البسيطة ونرفض المؤامرة التي تستغفل الأمة كلها وتجرها نحو التحلل الذاتي، ولكي نعلم أبناءنا أن الطائفية معناها الانتحار وأن الأساس الوحيد الذي يضمن لنا مستقبلا هو الوطن ولا شيء غير الوطن.