الدور الإعلامي للسفارات

الدور الإعلامي للسفارات

سعدت جدا بحديث السيدة سميرة رجب وزيرة الدولة لشؤون الإعلام أمام المؤتمر السنوي لسفراء البحرين في الخارج الذي جاء تحت عنوان «نحو استراتيجية أفضل للتعامل مع الإعلام الخارجي».
فالدور الإعلامي للسفارة أصبح في غاية الأهمية في ظل محاولات التشويه الدءوبة التي تعرضت البحرين ولا تزال تتعرض لها حتى الآن.
ومهما كانت إمكانيات الدولة في مجال الإعلام الفضائي ومهما كان حجم النفقات التي تخصصها الدولة للإنفاق على هذه الفضائيات، لا يتحقق لهذه الدولة كل ما تريد من حيث توجيه الرسائل إلى شعوب وهيئات العالم في ظل التنافس الرهيب بين مئات أو آلاف الفضائيات على مستوى العالم.
وهنا يتعاظم دور السفارة في تقديم رسالة إعلامية مؤثرة وفعالة على جماهير الدولة التي تعمل بها. من أجل بناء صور إيجابية وتفنيد أو محو صور سلبية موجودة بالفعل.
وكتبت في أكثر من مناسبة عن أهمية دور السفارات في هذا المجال لقناعتي الراسخة بأن السفارة هي خط الدفاع الأول عن مصلحة الدولة في الخارج، والمصلحة لا تتضمن فقط توطيد العلاقات مع دولة المقر وحماية مصالح الدولة وشعبها هناك، ولكن أيضا في التصدي لمحاولات التشويه التي تطال الدولة في الخارج، لأن هذا التشويه يؤثر على بقية المصالح الأخرى.
والسفارات هي الأقدر على فهم أسباب ومكونات الصور السلبية الموجودة للدولة لدى الشعوب الأخرى، لأن هذه السفارات هي التي تستشعر عن كثب نبض جماهير الدول التي تعمل بها وهي التي تفهم ثقافة هذه الجماهير والمؤثرات المختلفة التي تؤثر على طريقة استقبالها وتأثرها برسائل إعلامية معينة.
وأهم ما يميز ما تقوم به السفارات من نشاط إعلامي يعتمد على الاتصال المباشر مع الجماهير هو إمكانية قياس أثر هذا النشاط ومعرفة مدى تفاعل الجماهير معه، على العكس من النشاط الإعلامي الذي يعتمد على الفضائيات والصحف.
ولكي تحقق أية سفارة قدرا من النجاح في هذا المجال لابد لها أن تكون على مستوى العصر الذي نعيش فيه،من حيث الامكانيات والمهارات الاتصالية لأعضائها أو على الأقل المسؤولين منهم عن تنفيذ أنشطة إعلامية معينة.
فلكي تقوم السفارة بإحداث تأثير في جمهور معين، لابد أن تكون قادرة أيضا على التفاعل الإلكتروني الناجح مع هذا الجمهور، في عصر أصبحت فيه مواقع التواصل الاجتماعي مثل الفيس بوك والتويتر أسلحة جبارة في حروب طاحنة تدور بين أفراد ودول وهيئات وأحزاب وثقافات، حروب ترفع هذا وتخفض ذاك وتمجد هذا وتشوه ذاك وتصنع ثورات وتسقط عروش.
وكل هذا يتطلب أن يتخلص أعضاء السفارات من لعب دور الموظف الحكومي الروتيني الذي ينفذ ما تريده حكومته بطريقة آلية، كأن يقوم بإرسال رسالة فاكس أو بريد إلكتروني إلى إحدى الصحف التي يعرف شخصا فيها أو إلى إحدى المحطات التلفزيونية لتفنيد صورة سلبية تم ترويجها ظلما عن بلده على الفيسبوك، ويكون بذلك أبرأ ذمته من المسألة وأدى ما عليه ولديه الاثبات الذي يقدمه لرؤسائه عند الضرورة.
المطلوب غير هذا تماما، لأنه يجب على الدبلوماسي الذي يكلف بلده نفقات كبيرة أن يدافع عن سمعة بلده وكأنه يدافع عن سمعته أو سمعة زوجته إذا نال منها أحد ظلما، ولابد أن يكون مبتكرا ومبدعا في هذا الدفاع المقدس، ولابد أن يكون مستميتا كالجندي المرابط في ميدان القتال!