الحوار شيء مهم في كل المواقف التي تشهد صراعا أو خلافا بين الدول والشعوب وبين الجماعات وبين آحاد الناس، وبين الأب والأبناء وبين الزوج والزوجة، لأن الحوار يؤدي إلى إفراغ الشحنات النفسية والعاطفية، وهذا في حد ذاته يؤدي إلى درجة من التقارب بين البشر ويؤدي إلى القبول بالحلول الوسط،فطالما أننا جلسنا سويا على مائدة واحدة فقد كسرنا ولو جزئيا حواجز نفسية معينة تعيننا على تقبل الآخر وتفهم مطالبه.
والحوار على مستوى علاقة الحاكم والمحكوم يعد دلالة على ذكاء الحاكم وقدرته على التعامل مع أبناء شعبه وكأنهم أسرة واحدة ودلالة على ارتفاع الجانب الإنساني في شخصية هذا الحاكم وحرصه على مصلحة بلده وشعبه بعيدا عن اي غطرسة أو تجبر.
ومن سمات جلالة الملك حمد بن عيسى المعروفة حرصه الدائم على التواصل المباشر مع أبناء البحرين عند الكثير من المواقف وتقديره لقادة الرأي والفكر في البلاد، وبالتالي فهو نموذج للقائد الفذ الذي يجيد التعامل مع ابناء شعبه ويكسب ودهم بطبعه البشوش واتساع صدره للجميع.
ولنا أن نتأمل الفرق بين طريقة جلالة الملك حمد بن عيسى حفظه الله ورعاه في إدارة الأزمة التي مرت بها البحرين وبين طريقة غيره من حكام بعض الدول.
فجلالة الملك منذ البداية دعا إلى الحوار، ولم يعلن رفضه التام لمطالب أبناء شعبه، وهذا في حد ذاته نوع من التقدير والاحترام لهم، لأنه دعا إلى الحوار في وقت تتمتع فيه الدولة البحرينية بكامل هيبتها وقوتها، ولم يكن إعلان جلالته لهذا الحوار ناتجا عن إحساس بتفاقم الأمور واهتزاز الحالة الأمنية في البلاد كما حدث في دول أخرى، حيث جاءت الدعوة للحوار في هذه الدول نتيجة للإحساس بالخطر، وبالتالي عبرت عن حالة ضعف وليس عن احترام لمطالب الشعب وحرص على استتباب الأمن.
والدليل ان مسألة الحوار تشكل قناعة ثابتة لدى القيادة في البحرين، فقد تم تفويض شخصية مهمة بإطلاقها والدعوة إليها وهي شخصية سمو ولي العهد الأمير سلمان بن حمد.
ورغم أن الدعوة للحوار قوبلت في البداية بنوع من التشكك وسوء التقدير، والاندفاع وراء طموحات لا أساس لها، إلا أن القيادة لم تسمح بإدخال البلاد في دوامة عنف كتلك التي تعيشها أكثر من دولة عربية، بسبب إيمانها بأن الحوار هو السبيل الوحيد والمضمون للتفاهم حول متطلبات الشعب البحريني.
فلنعمل جميعا على إنجاح الحوار لأن مستقبل البحرين أمانة في أعناقنا، ولأن السعي لإفشال الحوار في هذه اللحظة التاريخية يدل على سوء النوايا والارتباط بأجندات خارجية.
زبدة القول:
الحوار ليس عيبا وليس انتقاصا من سيادة الدولة أو الشعب ولكنه منهج حياة وأداة سحرية لحل المشكلات،فلتتقوا الله في البحرين.
(واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب).