الحنين إلى صدام حسين

الحنين إلى صدام حسين

نشرت إحدى الصحف العربية تقريرا تحت عنوان “عراقيون يحنّون إلى حكم صدام حسين”، أوردت فيه أقوال العديد من العراقيين الذين عبروا عن حنينهم لحكم صدام حسين بكل ما كان فيه وبكل الذي عرفناه عنه من استبداد وديكتاتورية وتنكيل بالمعارضين.
العجيب في الموضوع أن غالبية الذين نقلت الجريدة أقوالهم وحنينهم إلى حكم صدام كانوا هم أو ذووهم ضحايا من آلاف الضحايا لحكم صدام حسين، فمنهم من كان معتقلا ظلما في سجون صدام حسين، ومنهم من قتل أبوه أو أخوه على أيدي زبانية صدام حسين!
ولم نجد من بين هؤلاء الذين أصابهم الحنين لصدام واحدا ممن استفادوا من حكم صدام، أليس هذا أمرا عجيبا؟
لماذا يحن هؤلاء لنظام أذل رقابهم وهم الذين كانوا يحلمون سنوات طوال بالخلاص من صدام، وهم الذين استبشروا خيرا عندما سقط صدام وجيشه ودخل الأميركيون إلى أرض العراق لكي تأتي الديمقراطية والحرية ويزول الخوف والقتل من أرض العراق؟
إنها تراجيديا لم يسبق لها مثيل، فالناس في أيام صدام كانوا خائفين، ولكنهم كانوا يتقون الموت والتنكيل بالسكوت أو بنفاق الحاكم، ولكنهم الآن لا يجدون حيلة يتقون بها القتل والدمار، بعد أن أصبح أعداؤهم كثرا،وبعد أن ملأت كلاب الأرض بلادهم.
كانوا يلومون على صدام إنفاقه أموال النفط على العرب، فجاءتهم كل الملل لتأخذ نفطعهم وتخرب بيوتهم وتحطم آثارهم، فإما أن تقتلهم فرق إيران المجرمة وإما أن يقتلهم مجرموا داعش.
لا الديمقراطية جاءت ولا الخوف زال، ولكن جاءت الطائفية وجاءت الغربان من كل فج لكي تنعق في سماء العراق!
شبعت أرض العراق من الدم، ولم يأت الأمن والأمان.
القبضة الحديدية لصدام حسين صنعت جيشا ودولة وعلماء وأبقت الدولة موجودة على الخريطة، ولكن جاء الذين اخترقوا العراق من خلال حماقات صدام وغبائه، ورحل صدام واحتفل العراقيون، ولكنهم بعد اثنى عشر عاما اكتشفوا انهم أجلسوا على أطول خازوق في تاريخ العراق والأمة العربية، اكتشفوا أن هدف الذين أتوا لم يكن تحقيق الديمقراطية ونشر الحرية في أراضي العراق، ولكن كان هدفهم إزالة العراق من على الخريطة، ولكن الصحوة جاءت متأخرة فقد اتسع الخرق على الراقع، وتمكن كل زناة الكون من أرض العراق.
فليحنوا إلى صدام أو حتى للحجاج، فلا جدوى من الحنين، ولا مخرج لهم إلا صحوة شعبية عراقية تخلصهم من كل الكائنات التي لوثت أراضيهم وبددت خيراتهم.