الحصاد المر لتفكيك الجيش الليبي

الحصاد المر لتفكيك الجيش الليبي

اقتحام لوزارة العدل واعتداء على الوزير، وحصار لوزارة الدفاع، واقتحام لوزارة الداخلية وغيرهم من الوزارات والمصالح بشكل لا يبشر بخير في ليبيا، فالجميع لديه أسلحة لا ينبغي أن تكون موجودة بهذا العدد وبهذه النوعيات بين أيدي الناس العاديين، فوجودها على هذا النحو شيء يهدد كيان الدولة كلها ويجعلها غير قادرة على السيطرة على مناطقها وقبائلها وجماعاتها، ويكفي أن نقول إن بعض من قاموا بمحاصرة وزارات في ليبيا الأيام الماضية كانوا مسلحين بمضادات جوية.
حقا ما يحدث في ليبيا هذه الأيام شيء مؤسف للغاية، فبعد مرور 18 شهرا على سقوط نظام معمر القذافي لا تزال ليبيا تواجه الخطر ولا يزال استقرارها وبقاؤها متماسكة يبعث على القلق، فأحداث العنف التي تقع ونوعية من يقومون بها والأدوات التي يستخدمونها خاصة الأسلحة كلها أسباب منطقية للقلق على مستقبل ليبيا التي خرجت من الحكم الديكتاتوري لتواجه تحديات كثيرة على طريق استقرارها وانتقالها إلى ديمقراطية حقيقية وعدالة اجتماعية تعوض الشعب الليبي عن سنوات الكبت والتأخر.
القذافي رحل ولكن مجرد رحيل الديكتاتور لا يضمن التغيير الحقيقي ولا يضمن الاستقرار التام واستتباب الأمن والنظام، فليبيا لابد أن تنتقل إلى المرحلة التالية ولابد أن تكون فكرة الدولة وفكرة الوطنية أكثر وضوحا في أذهان الناس، ولابد للجميع أن يحترم القانون ويتوقف عن استخدام القوة في تحقيق أهداف قبلية أو فئوية، وإلا فالدكتاتورية التي تحفظ تماسك الدولة تكون أفضل ألف مرة من ديمقراطية تهدم أركانها وتعود بها إلى البداوة والتناحر القبلي.
لو كان كل شيء قد سقط في ليبيا وبقي الجيش مؤسسة وطنية متماسكة كما حدث في مصر لكان ذلك من أسباب نجاح الليبيين في الانتقال السريع للمرحلة الجديدة، ولكن للأسف الجيش الليبي كان مثل الجيش السوري جيشا للنظام وليس جيشا للشعب، فكانت النتيجة أن فقد هذا الجيش قدسيته واحترامه لدى جماهير الشعب كانت النتيجة الحتمية أن يزول هذا الجيش وأن يتفرق سلاحه بين القبائل وبين الجماعات لتصبح الصورة كما نراها الآن.
الليبيون عليهم أن يختاروا بين الدولة كإطار يضم الجميع وينظم حياتهم بالقوانين وبين التفكك والضياع والاقتتال الداخلي، ولابد أن يحترموا هذه القوانين ويحترموا سلطة الدولة وهيبتها وإن فعلوا عكس ذلك وأهانوا السلطة التي أتوا بها بعد الثورة فسوف ينظر إليهم العالم على أنهم شعب لا يستحق الديمقراطية وأن الديكتاتورية هي التي تناسبهم.