الحذاء لنائب التطبيع

الحذاء لنائب التطبيع

مرة أخرى يدخل حذاء جديد التاريخ من أوسع أبوابه، وهو حذاء النائب البرلماني المصري كمال أحمد ابن مدينة الإسكندرية وأحد الناصريين الأوفياء لتاريخ الزعيم الخالد جمال عبدالناصر.
وسبق أن استخدم الحذاء للتعبير عن الاعتراض والرفض والانتقام في مواقف عديدة ففي عام 2013 استخدمه شاب سوري مقيم بالقاهرة في ضرب الرئيس الايراني أحمدي نجاد أثناء خروجه من مسجد الحسين بالقاهرة، وفي يونيو 2015 قامت صحافية يمنية برشق حمزة الحوثي بالحذاء خلال مؤتمر صحافي في جنيف، ولكن هذه هي المرة الأولى التي يستخدم فيها الحذاء لمقاومة التطبيع مع الكيان الصهيوني.
فقد قرر النائب الناصري المخضرم معاقبة زميله النائب توفيق عكاشة صاحب قناة الفراعين الفضائية بالضرب بالحذاء لحظة دخول الأخير قاعة مجلس النواب في القاهرة، حيث كان عكاشة قد ارتكب جرما مزدوجا عندما قام باستقبال السفير الاسرائيلي في منزله ودعا إلى توصيل مياه النيل لإسرائيل سعيا منه لاسترضاء إسرائيل لكي تساعد في حل مشكلة سد النهضة الذي تقيمه إثيوبيا على النيل والذي سيضر مصالح مصر المائية، وقام في الوقت ذاته بالاساءة بشكل فج للرئيس جمال عبدالناصر حيث اتهمه بالخيانة وقال إن كل مشكلات مصر بسببه!
النائب كمال أحمد رأى أن الرد المناسب والحاسم والأسرع لهذا الاختراق الاسرائيلي لمجلس النواب المنتخب – الذي يعبر عن إرادة المواطنين المصريين الرافضين بشدة التطبيع – هو الحذاء، وقال إن الحذاء موجه لاسرائيل وقادتها، وإنه التعبير الصادق عن إرادة الشعب المصري.
لم يخش كمال أحمد ما يمكن أن يصيبه من إسقاط عضويته، وقال إنني أتصرف وفق تاريخي وأتصرف احتراما لكرامة وإرادة المصريين الذين انتخبوني ولتذهب العضوية للجحيم.
لقد أثبت كمال أحمد أنه ليس مجرد سياسي له تاريخ مشرف في الدفاع عن قضايا الناس، ولكنه فنان ينتقم على طريقة الفن، فعندما تعجز الوسائل التقليدية والقانونية عن التعامل مع مسألة مهمة وتعجز عن شفاء غليل الناس، يكون الانتقام المبتكر هو الحل.
رجل سبعيني قضى حياته مقاتلا ومقاوما، لابد أن يشغله تاريخه وتشغله ذكراه بعد رحيله أكثر من أي شيء آخر ولا يمكن أن يتسامح مع ما قام به نائب التطبيع.
كمال أحمد يعرف جيدا أن القانون يمكن أن يعاقبه ولكنه يعلم أيضا أن التاريخ سيخلده وسيخلد حذاءه الذي استخدمه في تأديب نائب التطبيع، تماما كما خلد حذاء منتصر الزيدي الذي وجه إلى رأس الرئيس الأميركي السابق جورج دبليو بوش خلال المؤتمر الصحافي الذي كان يعقده في بغداد بعد أن خربها وجلس على تلتها.
صحيح أن منتصر الزيدي تم اعتقاله على الفور من قبل حرس الرئيس الأميركي وأودع السجن لمدة عام، ولكن حذاءه أصبح من أشهر الأحذية عبر التاريخ، وعرض أحد رجال الأعمال عشرة ملايين من الدولارات لكي يشتري فردة واحدة من حذاء الزيدي ولم يستطع الحصول عليها.
ولو كان كمال احمد قد وافق على عمل مزاد على حذائه لوصل هو أيضا إلى رقم خيالي.