الذين يسمون أنفسهم بالمعارضة، بغير تفويض وعن غير رغبة من القطاع الأكبر من أبناء هذا الشعب، يتحدثون عن حد أدنى من المطالب، حسب وصفهم كشرط للمشاركة في الانتخابات النيابية القادمة وما عدا ذلك لا يمكنهم المشاركة في هذه الانتخابات لأنها حسب وصفهم تكرس الاستبداد.
الحد الأدنى الذي نفهمه من كلام هؤلاء هو إلغاء مجلس الشورى وسلب الحق في تعيين رئيس مجلس الوزراء وعمل دوائر انتخابية مرسومة على حجم الخطط المستقبلية والميزات النوعية الطائفية التي يريدون الحصول عليها، فما هو إذا الحد الأقصى أيها السادة الأعزاء؟ الحد الأقصى في وجهة نظري لن يكون له تعريف ثابت طوال الوقت، ففي كل مرحلة سيكون سقف جديد، وهو ما يعني أن الحد الأقصى في المرحلة الحالية من التكتيك يمكن أن تعاد تسميته في المرحلة القادمة ليصبح الحد الأدنى، وهكذا دواليك، وهذا الأمر لا يحتاج إلى اجتهاد، فهو واضح وصريح من خلال كلام من يسمون أنفسهم عن غير حق بالمعارضة!
الحد الأدنى هو تقسيم الدوائر الانتخابية بالشكل الذي يضمن سيطرة طائفة على كل شيء وحرمان بقية الشعب من حقوقه، والحد الأقصى خلال هذه المرحلة، الذي سيتحول إلى حد أدنى خلال المرحلة التالية، أن يكون وزير الدفاع مرشحا من قبل حزب الله البحريني ويوافق عليه المرجع الأعلى الإيراني أو من ينيبه من البحرين.
أما منصب رئيس الوزراء فسيكون مضمونا بالنسبة لهم من خلال التخطيط الذي يريدونه للدوائر الانتخابية التي ستجعل لهم الأغلبية في مجلس النواب، على اعتبار أن الأغلبية البرلمانية هي التي ستأتي برئيس الوزراء.
مصيبة هؤلاء الساعين لاقتناص السلطة في البحرين أنهم يعيشون في أوهام أكثر من أوهام دون كيشوت، لأنهم منفصلون تماما عن الواقع ليتناسوا أنهم ليسوا وحدهم في البحرين، فيطلبون ما يطلبونه باسم الشعب وهذا هو الوهم الأكبر الذي يعيشون فيه.
مطالبكم يا سادة ليست مطالب القطاع الأكبر من شعب البحرين، شعب البحرين الذي يدرك جيدا ماذا سيجني من وراء الحد الأدنى والأقصى الذي تتحدثون عنه باسمه، ولذلك فخططكم تصيبه بالرعب بسبب المصير الواضح جدا الذي ينتظره والذي يجعله أشد حرصا على تثبيت الوضع الراهن وإجراء الإصلاحات التي ترضي الجميع وليس أنتم وحدكم.
الفرق بين آل خليفة الكرام وبينكم واضح جدا، فهم يريدون لكل شيء أن يمر من باب الوطن والمواطنة، ويرحبون بمن يأتي من هذا الباب، ولكنكم تأتون من باب الطائفة والمحاصصة وهذه مصيبة الطائفيين في كل زمان ومكان، فالطائفية لا تضمن لأحد شيئا، فكل القيم سوف تسقط أمامها، حتى الديمقراطية وحقوق الإنسان التي يتغنى بها الطائفيون كغيرهم من البشر.
ولذلك فنحن لا نصدق أبدا أن تأخذنا وعود الطائفيين إلى وضع افضل، مهما كان تعريف الوضع الذي نعيش فيه.
ربما لا تكون ديمقراطيتنا كاملة بدرجة مئة بالمئة، ولكن حتى الديمقراطية نفسها ليست قرآنا، ولكنها مجموعة قيم وممارسات صنعها البشر لكي تحقق لهم الحرية والأمن والأمان والتقدم، ولكنها – أي هذه القيم الديمقراطية – لا يمكن ان تنبت وتترعرع في كل تربة، فهي تحتاج إلى بيئة تساعدها على النمو والازدهار، والتربة الطائفية، بكل أسف، لا يمكن أن تنبت ديمقراطية كاملة، لأن الطائفية تعني التقسيم وتعني الأثرة وتنفي المواطنة وهذا يؤدي إلى قتل الديمقراطية في مهدها.
لا يوجد نظام حكم على وجه الأرض خال من العيوب، والسياسة كما يقال فن الممكن، ولكن البحرين تقدمت ولا تزال تتقدم، فلا ينخدعن أحد بما يتم تسويقه من أوهام وشعارات، فليس كل ما يلمع ذهبا.