الجاسوس المناسب في المكان المناسب

الجاسوس المناسب في المكان المناسب

من الأخبار السوداء التي قرأنا عنها هذا الأسبوع هو أن الولايات المتحدة الأمريكية بصدد إرسال رجل من أمهر رجالها في إشعال الفتنة الطائفية والخراب في الدول العربية إلى جمهورية مصر العربية خلفا لسفيرتها هناك “آن باترسون”، والتي ضج منها وكرهها الحجر والشجر بسبب تدخلها السافر في كافة الشئون المصرية ومقابلاتها المشبوهة مع جماعات الإرهاب.
الجاسوس الجديد، أقصد السفير الجديد، هو الرجل الذي يعد مهندس وقائد الفتنة الطائفية في العراق سابقا، فقد كان يلتقي بالشيعة ليؤلبهم على السنة، ويلتقي السنة ليؤلبهم على الشيعة، ويدعم فرق الإعدام الموالية لإيران لتقضي على العلماء السنة هناك.
هو الرجل الذي أضرم نار الفتنة في الجزائر، وتسبب في قتل آلاف الجزائريين خلال الفترة العصيبة التي عاشتها الجزائر بعد انقلاب الجيش الجزائري على الإسلاميين هناك، حيث طاف كل مدن الجزائر ونشر فيها الفتنة.
هو الرجل الذي سبق له أن خدم في سوريا ولعب دورا مشبوها فيها، وخدم في البحرين ومارس مهامه الغامضة فيها. هو الرجل الذي وضع بذرة الطائفية ورعاها حتى أنبتت وأثمرت بين المسلمين والمسيحيين في مصر عندما كان يعمل فيها كملحق إعلامي قبل سنوات.
إنه ستيفان فورد الذي قررت الولايات المتحدة تعيينه سفيرا جديدا في مصر في هذه الفترة العصيبة التي تمر بها.
السيرة الذاتية المرعبة لهذا الرجل وردت خلال دراسة أعدها المركز العربي للدراسات والتوثيق ونشرت جريدة الوطن المصرية تقريرا حولها قبل أيام وبينت أن اختيار هذا الرجل لمصر في هذا التوقيت هو اختيار ممنهج، ووصفت الرجل بأنه مهندس إثارة الصراعات بين مكونات المجتمع الواحد وبين الدول وبعضها البعض. فما الذي تريد الولايات المتحدة فعله في مصر خلال المرحلة القادمة بعد توظيف هذا الرجل الخطير هناك؟
لقد بدأت الصورة تتضح، فالولايات المتحدة التي صرحت مؤخرا بواسطة وزير خارجيتها أن الجيش المصري تحرك من أجل حماية الديمقراطية، تريد في الوقت نفسه أن تلعب دورا سريا لحماية جماعة الإخوان المسلمين وتمارس سياستها المعروفة في تأييد الطرفين؛سعيا لتقطيع أوصال الدولة المصرية بعد أن تمزقت أوصال الدولة السورية بأيدي الإخوان المسلمين أيضا، لكي تقضي على الدول التي تشكل خطرا على إسرائيل وتفتتها إلى دويلات طائفية يكره بعضها بعضا تحقيقا لأمن إسرائيل.
أمريكا لا تشغلها الديمقراطية ولا يشغلها عودة مصر للمسار الديمقراطي، ولكن يشغلها وقف تقدم مصر والعمل على استخدام الإخوان المسلمين في تدمير الدولة المصرية والقضاء على جيشها ليلحق بالجيش السوري والليبي. وهاهي جماعة الإخوان المسلمين تعد مليشياتها لتدمير الجيش المصري تحقيقا لأمن إسرائيل. القوى السياسية المصرية رفضت رفضا قاطعا القبول بهذا الرجل الخطير كسفير لأمريكا في مصر، فهل ستتبنى الدولة المصرية هذا الرفض وتقول لا للدولة الأقوى في العالم، أم ستقبل على مضض مجيئه إليها؟
أنا أعتقد أن الخطورة لا تكمن في مجيء هذا الرجل من عدمه، ولكن الخطورة تكمن في انكشاف النوايا السيئة للإدارة الأمريكية تجاه مصر، فهذا السفير يمكن ألا يأتي، ويمكن لأمريكا أن توفر من هو في مستواه وتبعثه بدلا منه.
ولذلك، فلا نجاة لمصر خلال المرحلة القادمة إلا برجوع الإخوان المسلمين عن مشاريعهم والمشاركة في العملية السياسية وتغليب مصلحة الوطن، بدلا من العمل بشكل مباشر أو غير مباشر على تحقيق أهداف الصهيونية العالمية.