البيان الذي صدر عن الدكتور عبداللطيف الزياني الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي إثر التراشق الدبلوماسي الذي حدث بين مصر وقطر في جامعة الدول العربية عقب تحفظ قطر على الضربة الجوية التي وجهتها مصر لتنظيم داعش الإرهابي في ليبيا انتقاما لذبح 21 مصريا كان قد اختطفهم التنظيم، كان بيانا متسرعا إلى حد كبير، ولذلك صدر بعده بيان آخر أكثر بلاغة منه وأكثر حرارة لكي يمحو أثره الذي تولد لدى الكثيرين.
قطر تحفظت على الضربة المصرية، وهذا حقها، رغم أن ليبيا التي وقعت الضربة على أراضيها لم تتحفظ،بل سهلت وشاركت في الضربة وأعلنت ذلك في كل وسائل الإعلام بكل فخر وتأييد.
ومصر عبرت عن استيائها من موقف قطر داخل الجامعة العربية، وهذا أيضا طبيعي، خصوصا في ظل الحساسيات الموجودة بين البلدين التي عملت قمة الرياض على تجاوزها ولكن التصويب الدائم لقناة الجزيرة على مصر أفسد إلى حد بعيد الجهود الخليجية.
ولو كان الدكتور الزياني قد تمهل في إعلانه الأول لما حدث شيء، ولما احتاج مجلس التعاون لهذا الجهد اللغوي والبلاغي الذي انطوى عليه البيان الثاني الذي جاء في موعده، والذي بين مدى الحكمة والذكاء والمسؤولية لدى القادة الخليجيين الذين عملوا على إصداره.
صحيح أن قطر دولة خليجية وأن دول الخليج لا تقبل أي إضرار أو إهانة توجه لها، ولكن مصر أيضا دولة شقيقة واستقرارها أمر يهم كل دول الخليج بما فيها قطر.
يبدو أن الدكتور الزياني أراد أن يطبق المثل القائل “أنا وأخوي على ابن عمي، وأنا وابن عمي على الغريب” ولكن هذا المثل لا يمكن أن ينطبق على هذه الحالة، وكما قال الكاتب الكبير أحمد الجار الله في تعليق تلفزيوني قبل فترة وجيزة: نحن لا نستغني عن قطر ولا نستغني عن مصر. فهذا هو الموقف المنطقي المسؤول، خصوصا في ظل الظروف العصيبة التي تمر بها الأمة في الوقت الحالي وضرورة نبذ الخلافات والتكاتف من أجل النجاة من الخطر الذي يدق أبواب الجميع.
الشيء الجيد، والذي يبين أن العلاقات بين دول الخليج وبين مصر علاقات مصيرية وأنها أمتن من أية محاولات لضربها، أن وسائل الاعلام في دول الخليج ومصر لم تبرز البيان الأول ولم تتوسع في تناوله، في حين ان هذه الوسائل تلقفت الاعلان الثاني وأعادت إذاعته مرارا، وهو ما يدل على أن هذه الوسائل لم تستطع أن تبتلع البيان الأول.
إن الاتجاه العام في دول الخليج هو اتجاه مؤيد لموقف مصر في الدفاع عن شعبها ومواجهة الوحشية التي يمارسها تنظيم داعش المجرم، وعبر البيان الثاني لمجلس التعاون عن ذلك بوضوح تام عندما قال: أكدت دول مجلس التعاون الخليجي وقوفها التام إلى جانب مصر وشعبها في محاربة الإرهاب وحماية مواطنيها في الداخل والخارج، معلنة تأييدها ما تتخذه من إجراءات عسكرية ضد الجماعات الإرهابية في ليبيا، وتؤيد كل ما تتخذه من إجراءات عسكرية ضد الجماعات الإرهابية في ليبيا بعد العمل البربري الذي قام به تنظيم داعش الإرهابي بذبح 21 مصريا في الأراضي الليبية”، مؤكدا أن “ذلك حق أصيل من حقوق الدول في الحفاظ على أمنها واستقلالها وسلامة مواطنيها”.