البرادعي انسحب

البرادعي انسحب

حسنا فعل الدكتور محمد البرادعي الرئيس السابق لوكالة الطاقة الذرية، عندما انسحب من سباق الرئاسة المصرية، فالظروف في مصر لم تعد هي الظروف التي قرر البرادعي في ظلها الترشح لرئاسة الجمهورية في مصر.
عندما قام البرادعي ببذر بذور الثورة في مصر عقب انتهاء مهمته بوكالة الطاقة الذرية رأى فيه المصريون بطلا ومخلصا لأنه استطاع أن يقول لا لنظام لم يكن بمقدور أحد أن يقولها له، وكان من الطبيعي جدا أن تصل شعبية البرادعي إلى القمة، في ظل الفساد الذي عانى منه المصريون والقمع الأمني الذي تعرض له الآلاف خلال العهد الماضي.
البرادعي استفاد بكونه شخصية معروفة دوليا وعبر عن رفضه الصحيح لممارسات رجال النظام السابق دون أن يتم التنكيل به كما حدث لغيره فواصل دعوته للثورة على النظام وتنبأ بحدوث ثورة جياع في مصر، ولمع اسم البرادعي في وسائل الاعلام العربية والعالمية كرجل استطاع أن يكسر المربع ويخرق نواميس السياسة المصرية، ولو افترضنا جدلا أن انتخابات رئاسية مصرية حرة ونزيهة كانت قد جرت في ذلك الوقت لفاز البرادعي برئاسة جمهورية مصر العربية بتفوق كبير.
ولم يكن البرادعي يتخيل هو وكثيرون غيره أن قيام الثورة وسقوط النظام السابق سيفرز قوى جديدة لها وجود وسيطرة كبيرة على الشارع المصري، فواصل طموحاته الرئاسية طوال الفترة الماضية، ولكن بعد انتهاء المراحل الثلاث للانتخابات البرلمانية المصرية، قرر البرادعي فجأة الانسحاب من السباق الرئاسي، بعد أن عرف أول اللعبة السياسية وآخرها.
فلماذا انسحب البرادعي في هذا التوقيت؟وما هو المبرر الذي أعلنه البرادعي لهذا الانسحاب؟
السبب الذي ذكره البرادعي لوسائل الاعلام هو أنه لا يريد الترشح إلا في ظل نظام ديمقراطي حقيقي!، وهو سبب غير وجيه بالمرة وليت البرادعي ذكر كلاما آخر غير هذا الكلام الذي لا يصب مطلقا في مصلحة مصر واستقرارها خلال هذه المرحلة الحساسة.
لو كان البرادعي قد انسحب معلنا أن الثورة قد نجحت وأنه شارك فيها كأي مواطن مصري بعد أن أسقطت النظام، لكان ذلك أفضل، ولكان أشبه باللاعب الذي يرحل عن الملاعب وهو في قمة مجده وليس بعد أن تلفظه الملاعب بعد ذبلت مهاراته وخارت قواه.
البرادعي بدأ ثوريا وكان يجب عليه أن ينتهي ثوريا، فهذا أفضل له في ظل مجتمع يهيمن عليه الاسلاميون، لأن صناديق الانتخاب حتما ستكون لصالحهم، وهذا حقهم، سواءا اتفقنا معهم أو اختلفنا، وطالما ارتضينا الديمقراطية فلابد أن نحتكم للصناديق.
الانتخابات البرلمانية المصرية تمت بسلام وشهد العالم بنزاهتها، فلماذا يقول البرادعي هذا الكلام الذي لا يخدم الاستقرار في هذا التوقيت ؟هل يريد البرادعي أن تدخل مصر في دورة عدم استقرار جديدة ويدفع أنصاره إلى الميدان لإفساد العرس؟
لم نكن نتوقع من رجل ثار من أجل الفقراء أن يسعى في الوقت الحالي إلى هز استقرار بلاده لأن الرياح لم تجر بما اشتهت سفنه!