الحادث الإرهابي الذي وقع في بروكسل أصاب أوروبا بالهلع مرة أخرى بعد حادث فرنسا، وقامت الدنيا ولم تقعد حتى الآن، ومن جديد تعالت الأصوات العنصرية في أوروبا وفي الولايات المتحدة منادية بطرد المسلمين من هناك، وإغلاق الحدود في وجه القادمين،على اعتبار أن الإرهاب شيء مرتبط بالعرب والمسلمين.
الإرهاب في بلاد العرب نشاط يومي معتاد مثل حوادث السيارات، وتسقط خلال اليوم الواحد أضعاف هذا العدد الذي سقط في بروكسل ومن قبلها في فرنسا وإسبانيا… ومع ذلك يكون رد الفعل الغربي تجاه هذه الحوادث الارهابية في بلادنا مختلفا تماما، وكأنه من الطبيعي أن يكون لدينا إرهاب، وكأن الدماء التي تسيل ليست دماء بشر مثل دماء الأوروبيين والأميركيين!
إنه الكيل بمكيالين الذي هو سبب كل العداوات والأحقاد التي توفر البيئة المناسبة لميلاد الإرهاب وترعرعه، ابتداء من القضية الفلسطينية وما مرت به من مواقف ومظالم وشهداء ومعتقلين هم أكثر بكثير من ضحايا الإرهاب الذين سقطوا في جميع دول الغرب، وانتهاء بدعم الغرب وإيوائه جماعات الارهاب والهاربين من القانون في بلادهم الأصلية بغية استخدامهم كأدوات يحققون بها أهدافهم في المنطقة التي نعيش فيها ولكي ينقلوا ساحات الحروب إلى العرب في عقر دارهم.
لقد أخطأ الغرب عندما ظن انه يستطيع أن يتحكم في العفريت بعد أن أخرجه من الزجاجة ويستطيع ان يعيده إليها في أي وقت يشاء، وظن أن الإرهاب الذي قام بدعمه وإيوائه طوال سنوات لن يرتد إليه ولن ينال منه، ولكن هاهي الحوادث تتوالى لتثبت أنهم أخطأوا مرارا وتكرارا ولم يستفيدوا من التاريخ.
ومن الغريب أن أصواتا كثيرة في الإعلام الغربي بدأت تتعالى متهمة بعض الدول العربية والإسلامية بأنها مسؤولة عن التطرف والإرهاب، رغم أن هذه الدول طالما أكدت لأوروبا وأميركا أنها لن تكون في مأمن من الارهاب وأن الجماعات التي قامت بإيوائها حتما ستنقض عليها يوما ما.
لا أمل إذا في التعاون الصادق بين الدول في مجال محاربة الارهاب، بل لا أمل في مجرد الاتفاق على تعريف جامع مانع للإرهاب.
لو قلنا إن الارهاب هو قتل الأبرياء سنجد الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل من أكثر الدول التي قتلت أبرياء خلال العقود الماضية، ومع ذلك فأميركا مصانة وطاهرة من أية تهمة لأنها الدولة الأكبر والأقوى في العالم، وكذلك إسرائيل معصومة من الإرهاب بفعل الفيتو الأميركي، الذي هو أهم أسباب الإرهاب في العالم.