لقد وصل إحساس الإخوان بقوتهم إلى حد انتقاد المجلس العسكري ومحاولة تشويهه لمجرد أنهم شعروا أن المجلس قد يستجيب لمطالب غيرهم من الفئات بتأجيل الانتخابات البرلمانية إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية حتى يستطيع الجميع أن يستعد وحتى تتمكن أجهزة الأمن المصرية من السيطرة على هذه الانتخابات، في ظل العنف الذي أصبح ينفجر في أنحاء مصر من وقت لآخر لأسباب تافهة.
الإخوان المسلمون قاموا بتوجيه ما يشبه الانذار للمجلس العسكري في مصر للأسباب السابقة مطالبين إياه بترك السلطة بشكل ينذر بانتهاء شهر العسل بينهم وبين الجيش الذي كان بمثابة طوق نجاة لمصر كلها عندما انطلقت الاحتجاجات ووصلت إلى نقطة الخطر.
في بيان شديد اللهجة لأول مرة منذ الاطاحة بالنظام السابق، طالبت جماعة الإخوان المجلس العسكري في مصر بتنفيذ الوعود التي طالما وعد بها حسب تعبير البيان، واتهمت الجماعة المجلس بمخالفة الإرادة الشعبية إن هو سمح بتأجيل الانتخابات البرلمانية إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية.
جماعة الإخوان ترى أنها الوحيدة الجاهزة للانتخابات البرلمانية خلال الفترة الحالية وان هذه الجاهزية ستمكنها من السيطرة على البرلمان المنتخب وبالتالي تنجح في صياغة التشريعات والقوانين التي تراها حول كل شؤون الحياة في مصر في غيبة القوى الأخرى وبالتالي تمسك بزمام الأمور تماما من خلال هذه التشريعات وتفرض التغيير بالشكل الذي تراه مستندة لهذه التشريعات، وهذا أمر لا يضمن استقرار مصر، لأن كل ما سيحدث هو إحلال قوة واحدة محل قوة واحدة، بمعنى أن الاخوان سيحلون كحزب واحد محل الحزب الوطني الذي حكم وحده سنوات طويلة وقام بإقصاء غيره خلال هذه السنوات.
فما الذي يضير الإخوان إذا تأجلت الانتخابات حتى يستعد غيرها من القوى الجديدة التي أنتجتها ثورة 25 يناير التي لا تزال في طور النشأة ولا تزال غير مستعدة لخوض الانتخابات؟ خاصة أن التغيير الذي يحدث لم يأت بأيدي الإخوان رغم أنهم الأكثر استفادة منه.
السؤال الذي يجب توجيهه للإخوان المسلمين في مصر حاليا هو: هل تحرصون على مستقبل مصر واستقرارها وصنع ديمقراطية حقيقية فيها، أم تحرصون فقط على الفوز بالبرلمان في لحظة قد لا تتكرر مرة أخرى مهما كانت نتيجة هذا الفوز؟ ومهما كانت الإجابة على هذا السؤال على هذا السؤال، فإن الخطر الذي يخشى منه على جماعة الاخوان وربما على مصر كلها، هو الاصطدام بالمجلس العسكري أو تحريض الشعب ضده لأن هذا قد يفقد الإخوان الحلم كله، فالمجلس العسكري خلال المرحلة الحالية له شرعيته وله الفضل في حقن دماء المصريين وحماية مصر كلها من السقوط في دوامة الاحتراب. فهل يعي الاخوان الدرس أم يعيد التاريخ نفسه؟