“عندما يتعلق الأمر بأمن بريطانيا فلا يحدثني أحد عن حقوق الانسان”،هذه العبارة قالها رئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون عندما تعاملت سلطات الأمن في بلده بكل شدة وحزم مع المظاهرات التي جرت في لندن منذ أشهر تقريبا.
وعلى الفور ملأت هذه المقولة أركان الأرض وتداولها الملايين على الفيس بوك والتويتر بالنقض تارة، وبالاستحسان تارة أخرى،واستخدمها البعض للتدليل على أن الغرب لا يحترم حقوق الانسان ،واستخدمها البعض الآخر كدليل دامغ على أحقية أي دولة في ضرب كل ما يؤثر على أمنها القومي حتى وإن تخلت مؤقتا عن احترامها لحقوق الانسان،على اعتبار أن انهيار الدولة او تضرر أمنها القومي فوق كل شيء وان هذا هو الضرر الأكبر الذي يهون أمامه أي ضرر آخر،وعلى اعتبار أن بريطانيا من الدول العريقة في الديمقراطية وحقوق الانسان والاقتداء بها شيء جائز.
تذكرت مقولة كاميرون هذه قبل أيام قليلة عندما قرأت في الصحف خبرا يقول ان بريطانيا قررت سحب جنسية المرتبطين بتنظيمات خارجية أو من يهددون الأمن القومي البريطاني، حسبما ورد في صحيفة صنداي تايمز.
واهم ما استوقفني وأنا أقرأ هذا الخبر شيئان،اولهما أن وزيرة الداخلية البريطانية تقوم بهذا الاجراء بحكم صلاحيات تتمتع بها دون حاجة إلى حكم محكمة بسحب الجنسية من هؤلاء،وثانيهما أن مسألة تهديد هذا الشخص أوذاك للأمن القومي البريطاني هي مسالة تقديرية لسلطات الأمن البريطانية،خاصة وأن الخبر ذكر أن من بين من تم سحب جنسيتهم صومالي بسبب (الشك )بأن له ارتباطات خارجية،وروسية بسبب الشك في علاقتها بالمخابرات الروسية.
مجرد الشك ،إذن، يتم التعامل معه على محمل الجد ،لأن المسألة ترتبط بشيء لا يجوز بشأنه التباطؤ أو التمحيص الطويل أو انتظار أحكام المحاكم،ألا وهو الأمن القومي لبريطانيا.
ونحن لا نلوم بريطانيا على قيامها بإجراء كهذا،رغم أن غالبية من تم تجريدهم من الجنسية البريطانية هم من المسلمين،ولكننا نريد أن نبين لبريطانيا ولكل من يهمه الأمر أن أمننا القومي في هذه المرحلة يتعرض لخطر واضح للجميع ومن حقنا نحن أيضا أن نتعامل مع من لهم ارتباطات خارجية تضر بأمننا على هذا الأساس الذي يحتم تقديم مقتضيات الأمن القومي على غيرها من الأمور.
نريد من بريطانيا ومن الغرب عموما التوقف عن الكيل بمكيالين فيما يتعلق بالشئون الداخلية للدول وعدم اتهامنا من وقت لآخر بانتهاك حقوق الانسان ،رغم وضوح المؤامرة التي تتعرض لها بلادنا.
نحن لم نطالب بسحب الجنسية البحرينية من مواطنين بحرينيين ذهبوا إلى طهران لحضور مؤتمر المحافظات البحرينية ،رغم أن حضورهم اعتراف ضمني وربما كان اعترافا صريحا منهم بأن البحرين محافظة إيرانية،فما هو رأي بريطانيا في ذلك؟
ليست المسألة مجرد شك كالذي استندت إليه الوزيرة البريطانية في سحبها لجنسية من تم سحب جنسيتهم،ولكنه يقين واضح كالشمس،لأن البحرينيين الذين ذهبوا إلى هناك لم يكونوا في مهمة ثقافية أو دينية أو رياضية أو تعليمية،ولكنهم يحضرون مؤتمرا خاصا بالمحافظات الإيرانية ضمن ممثلين لهذه المحافظات!