الأسد والخوف من الحلفاء

الأسد والخوف من الحلفاء

الطبيعي أن تقلق الأنظمة الحاكمة من أعدائها وليس من أصدقائها الذين يساعدونها، ولكن الرئيس بشار الأسد أصبح قلقا من أصدقائه أيضا، وهذا ليس أمرا عجيبا إذا كان الصديق هو إيران لأن صداقة إيران لا تكون بلا ثمن، والثمن معروف لأن إيران لا ترضى بأقل من أدلجة الدول التي تتدخل فيها وتحويلها بالتدريج إلى نسخ أخرى من إيران.
جريدة دير شبيغل الألمانية المعروفة نشرت حديثا أجرته مع دبلوماسي روسي كان يعمل في سوريا جاء فيه أن الرئيس بشار الأسد لجأ إلى روسيا لتمنع سقوطه عندما شعر أن إيران تريد ثمنا كبيرا لوقوفها إلى جواره وأن هدف الأسد من الدعم الروسي ليس مواجهة أعدائه من الثوار والمسلحين، ولكن الهدف هو مواجهة حليفه الرئيس، النظام الإيراني.
ونقلت الجريدة عن الدبلوماسي الروسي أن الأسد ومعاونيه يتخوفون من إيران، وأنهم غاضبون من عجرفتها في التعامل مع نظام الأسد واعتبارها سوريا بأكملها مسعمرة خاصة لها، وأنهم لا يثقون بأهدافها.
البعض اندهش من هذا الموضوع الذي نشرته دير شبيغل نظرا لما قامت به إيران خلال السنوات الماضية بدعم الأسد وقيامها بقتل الآلاف من معارضيه وقيام الحرس الثوري الإيراني بمعظم وأهم العمليات العسكرية التي قام بها النظام السوري، بما فيها الضربات التي وُجِهَت لحلب في الشمال ودرعا في الجنوب منذ حوالي عامين، ولكن لا مجال للدهشة، حتى وإن قام الأسد نفسه بتكذيب التقرير الذي أوردته الجريدة الألمانية، طالما أن أهداف إيران تجاوزت مسألة الحفاظ على نظام الأسد بكثير، حيث أصبحت القوات الفاعلة على الأرض، خصوصا الشبيحة الذين تدربوا في إيران، أقوى من الأسد نفسه.
ووقوف إيران إلى جانب الأسد يقتضي ان تفعل إيران في سوريا تماما ما فعلته في العراق، فلابد من تدريب مليشيات تابعة لها، ولابد من أدلجة سوريا لتصبح صورة أخرى لإيران وليصبح الأسد نفسه مجرد صنيعة إيرانية لأنه مدين ببقاء نظامه ومدين بحياته لها.
الأسد بالنسبة لإيران ليس أكثر من فرصة لتمديد نفوذها في المنطقة والاستفادة من ضعفه واحتياجه لها في تنفيذ ما تريد، وإذا فكر في الانقلاب عليها يكون التخلص منه مسألة يسيرة.
ولكن مجيء الروس إلى المنطقه يمكن أن يقلل من فضل الايرانيين على الأسد على اعتبار أن هناك طرفا آخر استخدم قواته بشكل صريح لضرب أعدائه.