من يراقب مسارات الأزمة السورية وتداعياتها يدرك أنها الأزمة الكبرى والجرح الغائر الأعمق الذي اصاب جسد الأمة العربية منذ احتلت فلسطين عام 1948، آخر فصول هذه الأزمة هو اتفاق روسي اميركي على اطالة عمر نظام بشار الأسد لعام ونصف قادمين على الأقل بعد قرار مجلس الأمن الذي يريد التحقيق مع نظام بشار في مذبحة الغوطة الكيماوية التي وقعت في 21/8/2013 وهذا التحقيق معناه بقاء النظام بقرار اممي من اجل التحقيق معه، وما يتم تداوله مع اميركا من قبل بعض الجهات العربية حول الأزمة السورية ليس جادا من طرف اميركا بالذات انما الهدف منه الإبقاء على تحالفات مع بعض العرب مقابل بيعهم الهراء والكلام الفارغ حول موقف أوباما من الأزمة السورية، ولو جرى تجميع ما قاله اوباما منذ أشهر فقط عن الأزمة السورية وموقف بلاده منها لوجدت نفسك أمام كلام يصلح لأدبيات الثرثرة المملة وكلام قارئات الفنجان أكثر مما يصلح لأي شيء آخر، أما روسيا فقد حزمت أمرها وأرسلت قوات وطائرات الى سوريا من اجل الإبقاء على نظام بشار وتهجير الكم الأكبر من الأغلبية السكانية وهم المسلمون السنة ودافع روسيا رغبتها ببقاء موطئ قدم لها في الشرق الأوسط العربي وعداؤها التاريخي للسنة الذي يعود الى الجوار مع دولة الخلافة الإسلامية العثمانية والفتوحات الإسلامية من قبل ذلك، وهو عداء اشتهر به المجاورون لدولة الخلافة العثمانية في اوروبا ولم تكن محنة البوسنة والهرسك الا من تجليات هذا العداء، اما الموقف الاوروبي فهو الآن ينحو الى استغلال الأزمة السورية من اجل اخذ المهاجرين كعمالة رخيصة في بلادهم ومن اجل تعويض النقص في اعداد المواليد في بلادهم فهم غالبا لا يتزوجون بسبب حياتهم التي يمارسونها خارج إطار الزواج وبالتالي التحول الى شعوب هرمة بسبب قلة المواليد وها هم يتقاسمون الآن المهجرين السوريين كالغنائم وإن غلف الأمر بأزمات على حدود المجر في وجه هؤلاء المهجرين، أما العرب فمواقفهم تتراوح بين من يريد انهاء وجود نظام بشار وحل الأزمة لكنه يتجه الى اميركا التي ليس لديها حل، ومنهم من هو مع نظام بشار لأسباب خفية قد تتعلق بالعداء للإسلام أو التنسيق مع جهة متنفذة في المنطقة تريد بقاء نظام بشار، ومن العرب ايضا من هو تائه لا يدري أيكون مع بقاء النظام أم مع ذهابه لأنه لا يدري الى اين تتجه البوصلة الأميركية بهذا الخصوص.