عاشت مصر والأمة العربية لحظة تاريخية بالفعل بإنجاز الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية التي جرت على مدار يومي الثالث والعشرين والرابع والعشرين الماضيين.
هي لحظة تاريخية بالفعل،لأن أحدا لم يكن ليحلم من المصريين والعرب أن يجري في مصر كل هذا الذي جرى،ولم يدر بخلد أحد أن تحدث في مصر انتخابات رئاسية بهذه النزاهة والشفافية التي شهد بها العالم كله.
قبل الخامس والعشرين من يناير 2011 كان السؤال الذي يدور في مصر وفي العالم العربي هو “هل سيتم التوريث أم لا؟وكيف سيتولى جمال مبارك حكم مصر خلفا لوالده،ورغم ظهور حركة سيايسة أسمت نفسها باسم له دلالة وهي حركة “كفاية”.التي تكونت خصيصا لتقول للرئيس مبارك “كفاك هذه السنوات الطويلة”،أو “كفاية”،إلا أن الأمل كان ضعيفا في إبطال خطة التوريث.
وبعد أن رحل مبارك دار في مصر ما دار من أحداث وتجاذبات سياسية،إلى أن أتت اللحظة التاريخية التي شرفت مصر وشعبها وقواتها المسلحة وهي لحظة خروج مصر عن بكرة أبيها لتختار الرئيس الجديد.
لقد أثبت المجلس العسكري و أثبتت القوات المسلحة المصرية أنها حصن الأمان الحقيقي لمصر،واستطاعت أن تعبر بمصر عبورا جديدا مثل عبور السادس من أكتوبر 1973 ،يوم أن حررت الأرض واستعادت الكرامة.
الجيش المصري الذي أبى أن تراق دماء المصريين وحمى الثورة المصرية وضرب أروع الأمثلة في الوطنية والشرف،كان لابد أن يوفي بوعده في إتمام هذه المرحلة الهامة على طريق البناء الديمقراطي في مصر وهي انتخابات الرئاسة المصرية.
آلاف الأسافين دقت بين الشعب المصري وبين جيشه العظيم من أجل ضرب أهم وأشرف مؤسسة بقيت صامدة وهي القوات المسلحة،ولكن كل هذه الأسافين أفشلت بفضل حكمة وفطنة هؤلاء الرجال الذين آمنوا بربهم وبوطنهم.
إنني كمواطنة عربية تحب مصر ،أقول للجيش المصري،ابتداءا من المشير حسين طنطاوي وحتى أحدث مجند فيه:شكرا لكم أيها الرجال،فقد أديتم الأمانة وكنتم كالنخيل تضربون بالحجارة فتردون بإلقاء خير الثمار،وكل التحية لشهدائكم الذين ماتوا في العباسية وفي غيرها لكي تعيش مصر.
إننا لم ننشغل بمن سيفوز، أو بمن فاز،لأننا وقفنا مبهورين أمام الصورة الرائعة التي رأيناها خلال هذه الانتخابات،ولأن همنا هو أن تفوز مصر كلها وتعود قدوة ومثلا وعمقا لكل العرب.
أما إخواننا المصريين فنقول لهم لا تقفوا كثيرا عند من سيفوز ومن سيخسر،لأن مصر حتما كسبت، وعلى الجميع أن يتقبل ما ستسفر عنه انتخابات الإعادة مهما كان الطرف الفائز، طالما أنه أتى من خلال الصناديق، فالصورة الحضارية الرائعة لمصر ستكتمل عندما تقوم كل الأطراف بتهنئة الطرف الفائز،لأن هذا من أهم دروس الديمقراطية التي يجب تعليمها للأبناء.
كل التوفيق لمصر وأهلها.