غدا الجمعة (وكل جمعة) ينقسم خطباء مساجدنا إلى فريقين، فريق يمارس التحريض ويدافع عن المحتجين واصحاب المطالب، وفريق يدعو إلى التهدئة وينتقد الفريق الآخر الساعي إلى تسخين الأوضاع في مملكة البحرين، ولطالما تمنيت أن تبقى المساجد وخطباء المساجد بعيدين عن السياسية في البحرين، لا أقصد الفصل بين الدين والسياسة أو الفصل بين المنبر الديني وبين السياسة،ولكنني أقصد الفصل بين المساجد وبين الصراعات الطائفية، لأنه لا يليق بالمساجد أن تكون أداة لتسخين الجماهير ودفعها للتمرد، ولا يليق بالمساجد ان تطرح القضايا السياسية بهذا التفصيل الذي يحدث في البحرين، لأن هذا يزيل الفرق بينها وبين الجمعيات والأحزاب السياسية وهو ما لاينبغي ان يكون.
غدا ربما نستمع إلى دعوات من اجل الحوار، ونستمع إلى دعوات ضد الحوار، ونستمع إلى رسائل منبرية تشوه الحوار وتسفهه في نفوس الجماهير.
كل هذا يصب في خانة واحدة وهي زيادة الشقاق وزيادة الإحساس بالظلم وإظهار البلد وكأنها قد انقسمت بالفعل إلى فسطاطين مختلفين.
ولهذا السبب اقترح بكل تواضع وإخلاص على السادة الخطباء أن يخصصوا جمعة للدعوة إلى الوئام يلتزم فيها الجميع طوعا بالدعوة إلى الحب والتعاون ونبذ الفرقة، لأن البحرين تعبت كثيرا من تركيز منابرها على الدعوة والدعوة المضادة.
إذا كنا نقوم بتخصيص أيام أو أسابيع او مناسبات معينة لمكافحة التدخين أو للمحافظة على البيئة أو لرعاية المعوقين او لرعاية مرضى الإيدز، فجدير بنا أن نخصص أياما للوطن لا ندعو فيها إلى شيء سوى للوئام والمحبة والولاء للوطن، وليكن ذلك في يوم جمعة أو أيام الجمعة خلال الفترة الحالية التي يجتهد فيها المخلصون من أبناء البحرين من أجل صياغة مستقبل البحرين بالشكل الذي يضمن لها الاستقرار والتقدم في كافة المجالات.
وكما طلبنا من السادة كتاب البحرين أن يوفروا جوا من الصفاء خلال تلك الفترة بالتوقف عن التحريض وعن اللوم والتوبيخ لهذا الفريق أو ذاك وترك القضاء يحكم في أمر المخطئين، فإننا ندعو الخطباء إلى نفس الشيء،خاصة وأنهم الأكثر تأثيرا على الناس في هذه الفترة.
هناك موضوعات كثيرة يمكن أن يتناولها الخطباء والكتاب بعيدا عن المظالم الشخصية والطائفية التي تضعف الولاء وتشكك الناس في كل شيء حتى احكام القضاء،وهو ما يخلق جيلا مشوها فكرا وسلوكا.
حدثوا الناس هذه الأيام عن معنى الوطن وحدثوهم عن الذي أحدثته الفتنة في بلاد نعرفها في الماضي والحاضر.
خصصوا أياما وخطبا لا نلعن فيها بعضنا البعض، ففي غيرنا من الدول يتعايش المسلم وغير المسلم، فلماذا لا نتعايش ونحن أهل دين واحد واهل لغة واحدة وأهل تاريخ واحد.
أتمنى أن تصل دعوتي إلى الجميع،وأتمنى أن تكون الجمعة بعد القادمة هي الجمعة الأولى في عصرنا الحديث التي لا يتحول فيها خطباؤنا إلى فريقين متعاديين.