دبي كشفت الجريمة وطلبت من الإنتربول رسميا توقيف أحد عشر من الجناة المتورطين في اغتيال القيادي الفلسطيني محمود المبحوح وتوقيف رئيس جهاز الموساد الصهيوني مائير داغان، واستجاب الإنتربول، والدول الأوروبية (بريطانيا وفرنسا وألمانيا وأيرلندا) استدعت السفير الإسرائيلي لديها ليقدم لها تفسيرات عن استخدام الموساد لجوازات سفر (مزورة) تتبع هذه الدول. هذا ما تناقلته وسائل الإعلام على مدى الأيام الماضية، ولا أحد يدري لماذا تم ترديد كلمة مزورة في سياق الأخبار للإشارة إلى جوازات السفر الخاصة بهذه الدول الأوروبية التي استخدمت في العملية.
ما نفهمه من الأخبار أن الدول الأوروبية التي استخدمت جوازات سفر خاصة بها لم تنزعج لأن إسرائيل قتلت قيادي فلسطيني لا تهمة له سوى الدفاع عن وطنه المغتصب، فالقتل صناعة إسرائيلية لا جديد فيها ولا خجل منها، طالما نفذت ضد العرب، ورئيس الموساد ليس استثناءً في جريمته التي قام بها، فما من قائد صهيوني أو رئيس وزراء إسرائيلي إلا كان في الأصل رئيس عصابة إجرامية أو عضوا فعالا فيها، والدليل على ذلك سيرة شارون وباراك وليفني وبيجين، وغيرهم.
ولكن الذي أزعج هذه الدول الأوروبية سببه- حسب اعتقادي- هو فشل العملية الصهيونية والفضيحة التي تعرضت لها هذه الدول أمام العالم وأمام شعوبها. وسواء كان استخدام إسرائيل جوازات سفر هذه الدول بعلم الأجهزة الأمنية في هذه الدول أم من دون علمها فليس هذا هو ما يشغل الحكومات الأوروبية حاليا، ولكن ما يشغلهم هو كيفية احتواء الأزمة والخروج بصيغة متفق عليها، بعد الحصول على التفسيرات الإسرائيلية التي سعت إليها، لتهدئة الرأي العام.
ما يؤكد هذا الطرح هو التاريخ الطويل من العمليات الفاشلة وغير الفاشلة التي نفذها هذا الجهاز الصهيوني ضد العديد من الدول الأوروبية نفسها، ورد فعل هذه الدول المتهاون تجاه إسرائيل.
وقد تكشف الأيام وجود تعاون أمني بين الجهاز الصهيوني وبين غيره من أجهزة الأمن الأوروبية.
فقد ذكرت صحيفة “الغارديان” البريطانية أن حكومة جوردون براون “تبدو مرتاحة بالسماح للاستخبارات الإسرائيلية بشن حربها ضد حماس تحت الراية البريطانية”، في إشارة إلى استخدام عدد من قتلة المبحوح جوازات سفر بريطانية. أما “روبرت فيسك” الكاتب المعروف فقد رأى في صحيفة الاندبندت أن “التبريرات البريطانية لقضية الجوازات تفتقر إلى الرصانة”، وقال إن عملية اغتيال المبحوح قد أظهرت أن “التعاون الأوروبي مع إسرائيل تجاوز الأطر القانونية”… وأكد فيسك نقلاً عن مصدر موثوق في شرطة دبي أن الجوازات التي ضبطت ليست مزورة لأنها حديثة وإلكترونية والصور عليها حقيقية، بالإضافة إلى أن الضالعين في العملية يبلغ عددهم 18 شخصا، وأن مقر قيادتهم النمسا.
ويبقى الشيء الذي يدعو للعار وهو وجود اثنين أو ثلاثة من الفلسطينيين ضمن هذا الفريق من المجرمين.