استراتيجية إسرائيل من أجل تفتيت الدول العربية

استراتيجية إسرائيل من أجل تفتيت الدول العربية

“إن العالم العربي الإسلامي لن يمكنه البقاء داخل الهيكل الحالي في المناطق التي تحيط “بنا” بدون أن يتعرض لتغييرات ثورية حقيقية. لقد قامت إنجلترا وفرنسا في العشرينات (من القرن العشرين) ببناء العالم الإسلامي مثل بيت الورق المؤقت بدون الرجوع لرغبة أو مشيئة المواطنين. وتم تقسيم المنطقة عشوائيا إلى 19 دولة تضم عدة مجموعات من الأقليات والجماعات الإثنية التي تكن مشاعر كراهية تجاه بعضها البعض. وهكذا فكل دولة عربية أو إسلامية تواجه عوامل تدمير إثنية من داخلها، فدول المغرب العربي مشكلة من خليط من عرب وبربر، والجزائر تشهد بالفعل حربا أهلية فى منطقة جبال القبائل بين أمتين داخل الدولة الواحدة والمغرب والجزائر في حالة عداء مع بعضهما بسبب مشكلة الصحراء الغربية. كما أن السودان أكثر بلاد العالم الإسلامي انقساما حيث تضم الدولة أربع مجموعات كل منها في عداء مع الأخرى، أقلية مسلمة سنية هي التي تحكم أغلبية من الأفارقة غير العرب، ملحدين ومسيحيين. وفي مصر هناك أغلبية مسلمة سنية في مواجهة أقلية من المسيحيين مسيطرة في مناطق الصعيد. أما عن الدول العربية الواقعة شرقي إسرائيل فهي تعيش في حالة صراع داخلي يقسمها وينشر فيها الاضطراب أكثر من دول المغرب. فسوريا لا تختلف جوهريا عن لبنان باستثناء النظام العسكري القوي الذي يحكمها. والعراق لا يختلف أيضا في الجوهر عن جيرانه حيث توجد به أقلية سنية تحكم أغلبية شيعية (في الثمانينات). كما أن كل دول الخليج أقيمت على بيت من الرمال الرقيقة.
جاء هذا الكلام في وثيقة صهيونية أعدها دبلوماسي إسرائيلي سابق، وهو محلل سياسي وخبير فى شؤون الشرق الأوسط، يسمى “أوديد إينون”. وكتبت الدراسة بالعبرية ثم ترجمت لاحقا للإنجليزية ثم العربية..
والعجيب أن هذه الوثيقة ليست وثيقة حديثة كتبت قبل عام أو عامين أو حتى خمسة أعوام ولكنها كتبت قبل أكثر من ثلاثة عقود من الزمن وسميت استراتيجية إسرائيل في الثمانينات، لتكشف عن خطط الدول الصهيونية الساعية لتفتيت العالم العربي اعتمادا على التناقضات والاختلافات الإثنية والدينية الموجودة فيه لكي تصبح إسرائيل امبراطورية على أتقاض هذا العالم العربي بعد تفجيره من الداخل من أجل بقاء الدولة الصهيونية.
وجاء في الوثيقة المذكورة ما يلي: “لكي تصبح إسرائيل دولة إمبريالية إقليمية لابد أن تعمل على تقسيم المنطقة بأكملها إلى دويلات صغيرة وذلك بتفتيت جميع الدول العربية الحالية باستخدام التركيبة الطائفية أو الإثنية لكل دولة منها. وبالتالي فإن الأمل الصهيوني هو أن تصبح تلك الدول القائمة على أساس طائفي تابعة لإسرائيل بل وتصبح مصدرا لشرعيتها الأخلاقية.
ولا أدري لماذا لا تتأمل الشعوب العربية كلاما كهذا في ظل ما تعيش فيه الأمة في الوقت الحالي من صراعات إثنية وطائفية تأخذها إلى الضياع والتفتت تحت شعارات كاذبة وثورات صنعت من أجل تدميرنا.
لا أدري إلى متى سنظل نعيش في حالة الاستغفال التي يمارسها العالم ضدنا، رغم أن الكل بات يعرف جيدا أنه تم العبث بأحلام الشعوب العربية وأن هذه الأحلام استخدمت من أجل تدمير هذه الأمة؟
نحن لا ندعو إلى إعادة إنتاج الماضي ولا ندعو إلى إعادة الأنظمة التي سقطت، فما فات قد فات، ولكننا ندعو الأمة لكي تستفيق وتصنع مستقبلها على نحو يضمن لها البقاء، ولن يكون هذا إلا بنسيان الطائفية والاثنية والجلوس إلى الحوار بدون شروط والتنازل عن بعض ما نريد لكي تبقى الأوطان ضمن الجغرافيا والتاريخ، فهذا أفضل من أن نضيع كل شيء ولا نحقق مصلحة أحد سوى أعداء هذه الأمة.