الأسبوع الماضي قام عشرة من أصحاب الأعمال والسجلات التجارية باقتحام مبنى هيئة سوق العمل احتجاجا على مبلغ عشرة دنانير تفرضها الدولة على العامل الأجنبي الذي أتى إلى البحرين ليحقق المنفعة لنفسه ولصاحب العمل الذي استقدمه إلى البحرين،وقام هؤلاء المحتجون بإهانة وسب الموظفين الموجودين بمبنى الهيئة الذين لا ذنب لهم في شيء.
ومع احترامنا لكل مواطن بحريني، سواء كان صاحب أعمال أو كان مواطنا لا يملك سوى قوت يومه، إلا أن هذا الإجراء من قبل أصحاب الأعمال لم يكن إجراء موفقا ويعتبر محاولة للابتزاز والإثارة دون مبرر يستحق ذلك.
يعلم الجميع أن البحرين تكاد تكون الدولة الوحيدة في العالم التي لا تفرض ضرائب على مواطنيها، وهذا شيء تشكر عليه الدولة البحرينية لأن كل صاحب نشاط تجاري أو استثماري من أي نوع يحقق لنفسه أرباحا خالصة رغم أنه يستخدم مرافق الدولة وبنيتها الأساسية التي تنفق عليها الدولة ملايين الدنانير.
ورغم أن الضرائب تشكل مصدرا مهما من مصادر الدخل للدولة وتعد من أهم أركان الاقتصاد الناجح، إلا أن المسؤولين في البحرين لم يتبنوا حتى الآن نظاما ضريبيا كالذي تتبناه بقية دول العالم.
قد يكون هناك سبب معين لا نفهمه هو الذي يجعل الحكومة تتبنى هذا الوضع الفريد من نوعه، ولكن لابد أن يفهم الجميع، خاصة أصحاب الأعمال، أن الدولة التي توفر البنية الأساسية والمرافق وتقوم على صيانتها، يحق لها أن تأخذ ولو نسبة بسيطة من أصحاب المشروعات التي تحقق أرباحا، لمصلحة بقية الناس ولمصلحة المرافق والبنية الأساسية التي يستخدمها الجميع، والتي تحتاج للكثير من المال لتوسعتها وصيانتها.
هؤلاء العمال الذين يأتون إلى البحرين يقومون كل عام بتحويل ملاييين الدولارات إلى بلادهم، ويقومون بتحقيق الربح لصاحب العمل الذي استقدمهم، أما بقية الشعب البحريني لا يستفيد شيئا من ذلك، فما العيب في فرض مبلغ عشرة دنانير على العامل الذي يدر الأرباح على صاحب العمل، وفي المقابل يقوم باستهلاك مرافق الدولة واستهلاك الطعام والوقود المدعم وينال الرعاية الصحية مقابل رسوم ضئيلة ويستهلك الكهرباء ويلقي مخلفاته في الصرف لتتولى الحكومة نقلها إلى مكان ما؟ هل قام المحتجون على رسوم العمالة الأجنبية بتقديم كشف حساب موثق يبين حجم الخسارة التي تكبدوها كما يقولون، أم أنها محاولة لتحقيق أكبر قدر ممكن من الاستفادة من حكومة مطلوب منها أن توفر فرص عمل للخريجين وتوفر مساكن للشباب ليبدأوا حياتهم؟ هذا الكلام ليس تحريضا أو حقدا على أصحاب الأموال والمشروعات، ولكنه دعوة غير مباشرة للتكافل ولمبادلة البلد الذي نعيش عليه حبا بحب. كما أنه ليس دعوة لفرض ضرائب على الناس والشركات، فالحكومة والمختصون في مجال الاقتصاد ونواب الشعب هم القادرون على تقرير أهمية هذا الموضوع، وليس أيضا دفاعا عن الحكومة، ولكنه دفاع عن مصالح القطاع الأكبر من أبناء الشعب البحريني، فمبلغ عشرة دنانير يتم تحصيلها لخزينة الدولة ستصب حتما في صالح المواطن الفقير ومن ليس له سكن أو وظيفة.