في كتاب” نهضة الشيعة “قدم الكاتب الإيراني الأصل والي ناصر،عضو مجلس العلاقات الخارجية الأمريكية أكثر من دليل على ارتباط إيران بما جرى في العراق عقب الاحتلال الأمريكي وعلى ارتباطها بحكومة إبراهيم الجعفري كأول حكومة تأتي بعد الاحتلال،فيقول في الفصل الثامن من كتابه انه في شهر مايو 2005،وصل وزير الخارجية الإيراني آنذاك كمال خرازي إلى مدينة مهران الإيرانية الصغيرة الكائنة عند الحدود العراقية الإيرانية،وانطلق بسيارته من عند نقطة التفتيش الموجودة على الحدود دون أي طقوس برتوكولية ،قاطعا مسافة مائة ميل غربا ليصل إلى بغداد لمقابلة إبراهيم الجعفري ،رئيس الوزراء العراقي المنتخب حديثا آنذاك.
ويضيف الكاتب أن زيارة كرازي إلى بغداد جاءت بعد ثمان وأربعين ساعة من الزيارة الخاطفة التي قامت بها وزيرة الخارجية الأمريكية آنذاك كوندوليزا رايس،ليقدم التهنئة للجعفري على انتخابه رئيسا للوزراء.
ويشير الكاتب إلى أن توقيت زيارة كرازي لبغداد كان له رمزية خاصة،وأن تحركاته داخل العراق أيضا كانت لها ذات الرمزية، حيث أن كرازي تحرك بسيارته في غرب العراق دون أدنى اهتمام بالعنف المتفجر آنذاك في الدولة بكاملها،بالإضافة إلى أنه لم يرتدي أبدا السترة الواقعية من الرصاص طوال بقائه في العراق.
وعندما كان كرزاي يمزح بالفارسية مع نظيره الكردي هوشيار زيباري أمام جمع من الصحفيين،سأله أحدهم عن مستقبل العلاقات بين العراق وإيران،فقال كرزاي مخاطبا الحاضرين :”إن الطرف الذي سيرحل حتما من العراق هو الولايات المتحدة،لأن الأمريكيين في النهاية سوف ينسحبون،ولكن الطرف الذي سيبقى ويعيش مع العراقيين هو إيران”.
ويقول الكاتب أن كرازي لم يذهب إلى بغداد في ذلك الحين لمجرد الاحتفاء بحكومة عراقية شيعية موالية لإيران،على رأسها رجل قضى سنوات طويلة منفيا فيها ولا يزال تربطه بها علاقات قوية فحسب،ولكنه ذهب إلى هناك ليعطي رسالة إلى العالم مؤداها أن إيران لها مكانة إقليمية وأن هذا يحتم مراعاة مصالحها ومكانتها هذه.
وقد كان صعود الشيعة في العراق،حسب رأي الكاتب،مساندا للصعود الإيراني، لتصبح إيران قوة إقليمية.
ويؤكد الكاتب على أن الهياج الشيعي الذي تعيش فيه المنطقة مرتبط دون شك بصعود إيران كقوة إقليمية ،ويؤكد على الارتباط الوثيق بين إيران كأكبر دولة شيعية وبين الأعمدة الأخرى للصعود الشيعي في المنطقة في لبنان والعراق ومع التجمعات الشيعية ذات الثقل الاقتصادي في الخليج خاصة من هم من أصول إيرانية.
والخلاصة في رأي الكاتب أن نهضة الشيعة بدأت في العراق،ولكن إيران تستفيد منها وسوف تلعب دورا هاما في قيادتها وفي توجيهها.