لا يبدو ان هناك مخرجا واضحا من الوضع في سوريا الشقيقة، فالقتلى يتساقطون يوما بعد يوم والساحة تزيد اشتعالا والنظام يزداد تجبرا، والدول العربية لا حول لها ولا قوة.
من المؤكد ان الرئيس بشار الأسد رأى الرئيس حسني مبارك وأركان نظامه وهم في قفص الاتهام يحاكمون بتهم تنوء بحملها الجبال، وأن خوفه من هذا المصير يجعله يضرب بيد من حديد، ومن المؤكد ان الرئيس الأسد ورجاله راجعوا شريط الأحداث في مصر، كيف بدأت وكيف تصاعدت، وكيف كانت المطالب صغيرة وكيف تزايدت، وكيف كان المتظاهرون بضعة آلاف ثم أصبحوا بالملايين.
في البداية طالبوا بإصلاحات اجتماعية، فلم تأتهم إجابة شافية، فتحولت المطالب إلى سياسية، فتلكأ النظام بعض الشيء، فطالبوا بإسقاط النظام، وفي هذه الأثناء سقط من سقط قتيلا أو جريحا، ثم سقط النظام، ولكن المطالب تزايدت ولم تكتف الجماهير بإسقاط النظام، ولكنها طالبت بمحاكمة أركانه وفي مقدمتهم رئيس الجمهورية، والآن يقف الرئيس ورجاله في قفص الاتهام ينتظرون الحكم عليهم، وينتظرون مصيرا مظلما.
نفس الشيء حدث في سوريا، مطالب اجتماعية، ثم سياسية ثم تصميم على إسقاط النظام، ويوم يسقط النظام السوري، طوعا او كرها، لن يكتفي السوريون بمجرد سقوط النظام أو رحيله، ولكنهم سيصرون هم أيضا على محاكمة الرئيس ورجاله ممن تلطخت دماؤهم بدماء السوريين.
وهنا يكمن المأزق الذي يعانيه الرئيس السوري في الوقت الحالي، فهو يتوقع أن ينال نفس المصير الذي ناله الرئيس المصري، فيزداد تجبرا وإصرارا على ضرب المقاومة وقتل المزيد من رجالها كل يوم، وماذا ينتظر العالم من رجل لا يملك أي بدائل لإنقاذ نفسه من مصير محتوم سوى ان يقتل ويقتل ويقتل.
في مصر قام الجيش بحل عقدة الدراما عندما انحاز للشعب ورفض إطلاق رصاصة واحدة على أي شخص، اما في سوريا فالجيش حتى الآن يصر على حماية رجل واحد والتنكر للشعب السوري بكامله، ولو استمر ذلك سوف تطول محنة الشعب السوري وسوف يكون ثمن الحرية أغلى.
أما أسوأ شيء يمكن أن تتعرض له سوريا الشقيقة، هو انقسام الجيش السوري لا قدر الله، فريق مع الثوار وفريق مع الرئيس كما حدث في ليبيا، فهذا السيناريو إن حدث معناه أن سورريا كلها سوف تنتهي وسوف يجلس الأسد ورجاله على تلتها وسوف يندم العرب يوم لا ينفع الندم على دولة عربية أخرى تفككت أوصالها.
فهل يتفتق ذهن رجال السياسة في العالم العربي عن صفقة تنجي سوريا أولا وتحقن دماء أبنائها، ولا مانع أن تنجو بالرئيس وعائلته من المصير الذي يخشاه؟
ومن هي الدولة العربية التي يمكن أن تصيغ هذه الصفقة وتنفذها انقاذا لسوريا كلها في هذا الوقت الذي تتجه فيه إلى خيار شمشون؟ ولكن هل الرئيس السوري على استعداد لقبول صفقة تتضمن تركه للحكم مقابل خروج آمن وضمان عدم المحاكمة؟