لا أدري على أي أساس ينادي بعض الناشطين في مجال حقوق الإنسان بإلغاء عقوبة الإعدام من قوانين العقوبات في دولة إسلامية كالبحرين أو غيرها من البلدان الإسلامية الأخرى! هل هي مجرد محاكاة للغرب وما يجري فيه، سواء كان خيرا أم شرا؟ وهل يجوز أن نطالب بمحو قاعدة شرعية ثابتة وواضحة في دستور الأمة الإسلامية وهو القرآن الكريم؟
قد يكون مقبولا أن نستنسخ تجارب الغرب في أمور كثيرة مثل الدعوة إلى رفض العنصرية وإلى المساواة بين المواطنين مهما كان دينهم أو عرقهم في الحقوق والواجبات وتمكين المرأة وغيرها من الأمور التي تتفق مع الفطرة الإنسانية السليمة، ولكن هل يكون مقبولا أن نستنسخ تجارب تدعو إلى السماح بممارسة الجنس قبل الزواج والسماح بالإجهاض وإلغاء عقوبة الإعدام؟
مع تقديم الاحترام للناشطين في مجال حقوق الإنسان وجهودهم الكبيرة الساعية إلى المساواة والحفاظ على كرامة الإنسان، إلا أن مسألة القصاص مسألة شرعية بحتة تستند إلى ما ورد في القرآن الكريم في قوله تعالى: “وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف…”، وقوله تعالى: “ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب”، وإذا كان القصاص هو تنفيذ حكم الإعدام في القاتل لكي يرتدع غيره، وكفى بشاعة بجريمة القتل أن قال الله في حق القاتل: “من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا، ومن أحياها فكأنما أحيى الناس جميعا”.
وإذا القرآن قد بيّن الفائدة التي تعود على المجتمع من تنفيذ القصاص وهي أن القصاص يحمي حياة البشر “ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب”. فما التبرير الذي يسوقه هؤلاء الناشطون لكي يتم إلغاء هذه العقوبة؟
يقول المفسِّرون في معنى الآية السابقة إنّ القصاص يؤدي إلى عدم إقدام القاتل على ارتكاب هذه الجريمة، وبالتالي يتم حماية حياة شخصين: الشخص الأول هو الذي كان معرضا للقتل، والآخر هو ذلك الشخص الساعي إلى ارتكاب هذه الجريمة.
كما أن التفسير اللغوي البحت لهذه الآية يبين أنه بالقصاص وحده يمكن حماية حياة الناس، إذ تم تقديم الخبر “في القصاص” على “حياة” يفيد التخصيص، ويؤكد أنَّ القصاص وحده ولا شيء آخر هو الذي يؤدى إلى حفظ الحياة.
وإذا كان هذا ما جاء به القرآن، وهذا هو تفسير علماء الشريعة، فهل يجوز لناشطي حقوق الإنسان أن يطالبوا بمحو قاعدة شرعية قررها الله، وهو الأعلم بما تنصلح به حياة البشر؟
جمعيات حقوق الإنسان في أنحاء العالم لا يجب أن تقحم نفسها في الأمور المتصلة بالشرائع مثل القصاص الذي يستند إلى قاعدة قرآنية من قبل أن يستند للقانون الوضعي؛ لأن السماح للقائمين على رعاية حقوق الإنسان بمناقشة إلغاء عقوبة الإعدام سيفتح الباب أيضا للمطالبة بالمساواة بين الرجل والمرأة في مسألة الميراث وربما تطالب هذه الجمعيات بسماح الدول الإسلامية بزواج الرجل من الرجل والمرأة من المرأة، بل وعبادة الشيطان من منظور حرية العقيدة.
زبدة القول:
إن الله سبحانه وتعالى قال – وهو أعلم بمراده – إن أي شيء لا يمكن أن يطفئ نار الكراهية بين الناس غير القصاص فشرعه لهم.