خلال تعليقه على حكم الإعدام الصادر ضده من قبل القضاء السوري، قال فيصل القاسم الإعلامي السوري بقناة الجزيرة، صاحب برنامج “الاتجاه المعاكس” على صفحته الرسمية بـ “فيسبوك”، “ما أصعب الثورات في بلاد الطوائف والقبائل والأعراق المختلفة”.
وقال “إنه في مصر وتونس ثار الشعب فسقط النظام بسرعة، لأن الشعب على قلب رجل واحد، ولا توجد طوائف ومذاهب وأعراق وقبائل متناحرة”، مضيفا: “أما في سوريا واليمن وليبيا والعراق، فطالت الثورات وساد الاقتتال الداخلي، لأن الشعوب في تلك البلدان ليست على قلب رجل واحد، بل إن الاحقاد فيما بينها لا تقل عن الأحقاد بينها وبين الأنظمة”.
وواصل القاسم هجومه على النظام السوري، مؤكدًا أنه يُكرّس ويعمق الخلافات بين الطوائف والقبائل والأعراق كي لا تكون على قلب رجل واحد – بحسب قوله.
وأضاف في تدوينة أخرى “ما أصعب أن تكون في موقف عليك أن تختار فيه بين إبليس والشيطان، أو الفالج والسرطان، والأسوأ أن يقوم إبليس والشيطان بتوزيع شهادات حسن سلوك”.
ومع تقديرنا لمشاعر فيصل القاسم ورد فعله وإحساسه بالظلم، ومع رفضنا حكم الإعدام الصادر ضده، إلا أننا نتوقف ونتمعن في عبارته الأولى: ما أصعب الثورات في بلاد الطوائف والقبائل والأعراق المختلفة!
فهذه العبارة يمكن فهمها واستخدامها بأوجه مختلفة، فهو يستخدمها في سياق اتهامه وتهكمه على النظام السوري ويصفه بنفس التهمة التي وجهت إليه وهي إثارة الطوائف والنعرات، ويمكن لغيره أن يستخدمها في توجيه نفس التهمة لقناة الجزيرة بأكملها، خصوصا فيصل القاسم على مدار سنوات طويلة مضت.
فيصل القاسم الذي يشعر اليوم بالظلم كان هو فارس الجزيرة الأول وكان الإعلامي العربي الأول الذي أخرج عفريت الطائفية من زجاجته التي حبس فيها منذ وقت طويل وهو الذي يكتوي الآن بنار الطائفية التي سكب فوقها آبارا كاملة من الزيت على مدى سنوات.
اتجاهكم المعاكس يا سيد فيصل رغم قوته وبريقه ورغم أنه أول من كسر المربع وعمل خارج الصندوق وانتقم من أنظمة سياسة فاسدة بالفعل، إلا أنه أشعل من جديد كل الحرائق التي كانت نيرانها قد خفتت أو انطفت، فأنت الذي أجلست كل المختلفين وكل المتنازعين وكل المتصارعين وكل المتقاتلين من جميع الطوائف وجها لوجه، وأوصلتهم وأوصلت أتباعهم في أرجاء الأمة إلى حد الغليان وأوصلت ضيوفك إلى حد خلع الأحذية على بعضهم.
إنك اكثر من يعلم يا دكتور فيصل أن تهييج الطوائف والقبائل معناه تلاشي الدولة أيا كانت الأسباب، فالطوائف كما ذكرت أنت لا تتفق على الثورة وبالتالي فهي لن تتفق أبدا على ما بعد الثورة، خصوصا بعد زوال القيود وارتفاع كل الأصوات ووصول الأطماع وشهوة السلطة إلى مداها، وتكون النتيجة مثل التي نراها حاليا في ليبيا وسوريا واليمن والعراق.
قلت بلسانك يا دكتور إن الثورة المصرية نجحت في إسقاط النظام لأن الشعب على قلب رجل واحد، ونحن نذكرك ونذكر قناة الجزيرة أن الشعب المصري قام بثورتين وأسقط نظامين وليس نظاما واحدا، ومع ذلك لا تزال قناتكم تصف ما حدث في مصر بالانقلاب، فلماذا هذا الإصرار على التحيز لطائفة، ولماذا الاصرار على إسقاط النظام الجديد مرة أخرى؟
إذا كان النظام السوري شيطانا أو إبليسا ولا يستحق أن يوزع شهادات حسن سلوك، فهناك شياطين وأبالسة كثيرون من بينهم دول وقنوات عميلة قامت ببعث الطائفية من رقادها والعمل على تفتيت الدول القومية العربية الكبيرة وشاركت في تنفيذ مخطط دنيء ضد الأمة كلها.
وإذا كان النظام السوري قد جنى عليكم يا دكتور، فقد جنيتم على الأمة كلها، ولابد “لطباخ السم أن يذوقه”.
زبدة القول: صحيح أنكم يا دكتور ساهمتم في التصدي لأنظمة فاسدة ولكنكم أقنعتم جميع الأضداد وجميع المتصارعين أنهم على حق وقمتم بدق أطول خازوق أسفل الأمة كلها، خازوق يشبه في طوله الخازوق الذي وصفه سوري مثلك (نزار قباني)، قائلا: “خازوق دق بأسفلنا.. من شرم الشيخ إلى سعسع”.