الانتصار الكاسح الذي حققه الاسلاميون في الانتخابات المصرية والتونسية والمغربية أثار خوفا شديدا في إسرائيل، حيث سادت حالة من الجدل حول هذا الفوز وتأثيره على مستقبل العلاقات معها، خاصة وأن جماعة الاخوان المسلمين الداعمة لحركة حماس الفلسطينية كان لها نصيب الأسد في انتخابات المرحلة الأولى في مصر ومن قبلها في الانتخابات التونسية.
وقال قادة إسرائيل أن الانتصار الذي حققه الإسلاميون في مصر يشكل خطرا على إسرائيل وعلى المنطقة برمتها. و جدد وزير الحرب الاسرائيلي السابق <بنيامين بن اليعازر> من خطورة الاوضاع في مصر على مستقبل الامن في المنطقة ومستقبل اسرائيل في ضوء اكتساح التيارات الاسلامية للانتخابات. وقال <بن اليعازر> للاذاعة العبرية الرسمية :لقد عملت كل ما بوسعي للحفاظ على العلاقات مع مصر ولكن الاوضاع تغيرت والمستقبل غير مضمون ومظلم>.
من جهتها قالت مصادر امنية اسرائيلية ان الاخطار الامنية تتزايد وان على اسرائيل التحرك بسرعة قبل تمكن الاسلاميين من حكم مصر مما يجعل التحرك ضد الحركات الاسلامية بغزة وحزب الله في لبنان والملف النووي الايراني مستحيلا.
واوضحت المصادر ان الاخوان المسلمين المصريين يتمتعون بعلاقات جيدة مع طهران وحزب الله قام ببنائها المرشد السابق للجماعة <مهدي عاكف> والذي لعب دورا كبيرا في اسقاط هيبة الدولة المصرية السابقة. وزعمت المصادر ان الجيش المصري لن يكون قادرا على مواجهة الفوز الساحق للاسلاميين وان عليه التسليم بالواقع الجديد لتجنب اي مواجهات مع اللاعبين الجدد في القاهرة في ظل ارتياح اميركي بنتائج الانتخابات ورغبتها في التعامل مع الاخوان والتيارات الاسلامية الاخرى بما يحفظ مصالحها في المنطقة.
وسائل الاعلام الاسرائيلية لم تخف قلقها، فقد كتبت صحيفة يديعوت احرونوت ان النتيجة «اسوأ مما كان متوقعا». واضافت ان «ما كان خطرا اصبح تهديدا».
وقد حاول سفير إسرائيل السابق في مصر إسحق ليفانون طمأنة الجميع قائلا انه من المستبعد ان تقوم مصر بإلغاء معاهدة السلام مع إسرائيل خلال الأشهر القادمة، مبينا أن هذه المعاهدة تفيد الطرفين وليس إسرائيل وحدها.
والحقيقة أن هناك أسئلة كثيرة ستطرح نفسها خلال الأيام القادمة حول موقف الأحزاب الاسلامية العربية من الدولة الصهيونية، خاصة وان هذه الأحزاب استمدت شرعيتها وشعبيتها على مدى سنوات طويلة من عدائها المعلن للدولة الصهيونية، وطالما وجهت الاتهامات للأنظمة العربية ووصفتها بالخنوع والتفريط في المقدسات والسعي لتصفية القضية الفلسطينية برمتها.
وهل ستقوم الولايات المتحدة الأمريكية بمراجعة مواقفها مع الدول العربية ذات الصبغة الاسلامية طبقا لمواقف هذه الدول من ربيبتها إسرائيل؟ وهل تجربة حركة حماس الفلسطينية يمكن أن تتكرر في دول عربية أخرى نتيجة للضغط الأميركي عليها؟ أم أنه سيكون من الصعب على الولايات المتحدة أن تمارس نفس السياسة مع هذه الدول؟
فهل ستظل هذه الأحزاب على مواقفها السابقة وتظل وفية لشعاراتها التي طالما رفعتها حول الجهاد والاستعداد للاستشهاد من أجل القضية؟أم أن تعقيدات العلاقات الدولية والأوضاع الاقتصادية للدول العربية ستضطرها إلى تعديل مواقفها أوتهذيبها رضوخا لضغوط الخارج؟.
أعتقد أن الأحزاب الاسلامية العربية ستكون امام اختبار صعب، فبعد أن ظلت سنوات بعيدة عن الحكم وعانت من الحرمان والاضطهاد في معظم الدول العربية، ها هي تحصل على فرصتها كاملة لتضع شعاراتها موضع التنفيذ، فماذا سيكون موقفها؟